2011/05/23

*الموازين


مفرد موازين ميزان ويقصد بها مقاييس الأطوال والمساحات. ولم يحدث في التاريخ الإسلامي توحيد لنظام الموازين والمكاييل، فكان الاختلاف هو السمة المميزة في البلدان الإسلامية، على أن بعض الحكام المسلمين قد اتجهوا إلى توحيد نظام المقاييس في المناطق التابعة لهم، ومنهم عضد الدولة البويهي، والخلفاء الفاطميون، وحسن التركمان. ومن بين أسماء وحدات الأوزان والمكاييل الإسلامية: الرطل وهو لفظ منقول عن اليونانية، والقنطار وهو لفظ منقول عن اللاتينية، والقفيز ويدل على مكيال وهو لفظ منقول عن الفارسية، وحين فتح المسلمون بلاد الشرق الأدنى كانت كل تلك الأسماء مستخدمة ولكن بقيم مختلفة. فالمُد كان يساوي في العراق حوالي 1,05 رطلا ، وفي سوريا حوالي 3,673 رطلا ، وفي مصر حوالي 2,50 رطلا . وكون وحدة معينة تستخدم بقيم مختلفة كانت سمة مميزة بين البلدان الإسلامية بل داخل البلد الواحد كأن تكون قيمة الوحدة في العاصمة غير قيمتها في الأقاليم. كما قد يكون اختلاف قيمة الوحدة تبعا للشيء الموزون، فرطل اللحم مثلا في مصر العليا كانت قيمته تختلف عن بقية البضائع، وكانت للحبوب مكاييل تختلف عن مكاييل السوائل. كما كان لبعض السوائل كزيت الزيتون وحدات وزن خاصة به. كما وجد اتجاه لاستبدال الوحدات الأصغر بوحدات أكبر.
ورغم التأثير المتبادل بين الأقاليم الإسلامية في الموازين ظلت بلاد فارس وحدها مختلفة عن الدول الإسلامية العربية رغم وجود شيء من التداخل بينهما. ولقد تمخض عن التأثير المتبادل في البلاد التي سبق خضوعها للدولة البيزنطية نظامان للموازين في كافة الأقطار الإسلامية: الأول ستوني، والثاني عشري. وعلى ذلك فلم ينتشر نظام الجزيرة العربية في الموازين في البلدان الإسلامية المفتوحة، فالمد ، وهو الوحدة الرئيسية في بغداد، والصاع ، وهو وحدة أكبر من المد فهو يساوي 4 أمداد، والوسق ويساوي 60 مدا عند العرب. وليس لها وجود في البلدان الإسلامية الأخرى عدا المغرب العربي، حيث لا يزال الصاع بقيم مختلفة. وقد لقي الوزن القياسي البغدادي قبولا عاما بتأثير انتشار الحكم العباسي وسيادته. ورغم كون الاختلاف هو السمة المميزة في الموازين فقد حاول المسلمون إيجاد أسس نظرية عامة للموازين، واهتم بها خاصة علماء علم المساحة والرياضيات.
وفي عهد الرسول كانت وحدات العراق معروفة في الجزيرة العربية، فعرف الرطل في مكة وعمان واليمن وعرف بالرطل البغدادي. وأكثر المعلومات توفرا عن وحدات الأوزان والحجوم في مصر والشام. فالبنسبة للأوزان الخفيفة كان الرطل هو وحدة القياس في سوريا، وعرف كذلك الرطل الثقيل. أما الحبوب ففي الشام كانت تقدر بالغرارة التي تختلف من بلد إلى بلد. وفي مصر كان الرطل هو الوحدة الأساسية في القياس في عهد الأمويين والعباسيين، وعرف أيضا بالرطل الكبير منذ عهد الأمويين. أما في عهد الفاطميين فقد اختلفت قيمة الرطل تبعا لنوع السلعة الموزونة فمثلا بالنسبة للحم والعيش كان يساوي 444 جراما. أما القطن فكان الرطل فيه يساوي 463 إلخ. وكانت الحجوم في مصر تقدر بالإردب وهو في الأصل كلمة فارسية وكذلك التليس. واستخدم أيضا القسط لزيت الزيتون، وكذلك "مطر" ويساوي 17 كجم لزيت الزيتون. وهكذا نلاحظ اختلاف قيمة الوحدة بين دولة وأخرى بل اختلافها داخل القطر الواحد.

ليست هناك تعليقات: