2009/10/02

فيثاغورس والحساب

فيثاغورس والحساب

هاجر فيثاغورس Pythagoras (582 ـ 500 ق.م) من جزيرة ساموس في بلاد اليونان إلى جنوب إيطاليا وقد استقى جميع نظريات الحساب من مصدر ما، يبدو أنه مصر كما يذكر الكتاب، وسرعان ما كوَّن مدرسة لها اتجاهها الخاص، كان أعضاؤها ينظرون إلى الأرقام نظرة تقديس، ويرون أن لها خواصاً معينة، وأن لكل رقم مغزى خاص به. وقد اعتبروا الأعداد الزوجية قابلة للذوبان، ومن ثم فهي مؤنثة ودنيوية وفانية، باستثناء الرقم 4، أما الأعداد الفردية، فهي ليست كذلك، بل هي سرمدية، غير قابلة للذوبان، ومذكَّرة، وسماوية. وربطوا بين كل عدد، من الأعداد، بصفة من الصفات الإنسانية، كالتالي:

الواحد: يمثل العقل، ولا يقبل التغير.

والاثنان: تمثل الرأي.

والثلاثة: تمثل أول عدد مذكر.

وأربعة: تمثل العدل، لأنها أول مربع كامل، أي حاصل ضرب عددين متساويين.

وخمسة: تمثل الزواج، لأنها اتحاد أول عدد مؤنث (2) بأول عدد مذكر (3).

ويلاحظ أن الواحد لم يعتبر عدداً فردياً، أو زوجياً، بل هو أصل جميع الأعداد.

وكان، لأتباع فيثاغورس، صلواتهم، التي يتوجهون بها إلى المربع الكامل (أي العدد 4)، قائلين:

"باركنا أيها العدد السماوي الذي خلق الآلهة والناس. أيها الرباعي المقدس، الذي يشمل أصل هذا الخلق، الذي لا ينقطع إلى الأبد" . وهذا الرباعي المقدس، عندهم، يمثل العناصر الأربعة: النار والماء والهواء والتراب. وإذا جردنا هذه الفلسفة مما يحيط بها من أسرار دينية، نجد أنها شملت فكرة أساسية، هي أنه عن طريق العدد يستطيع الإنسان أن يلم بطبيعة الكون. ولذا عبر أحد تلامذة فيثاغورس عن تلك الفكرة بقوله: "إن جميع الأشياء في الكون لها عدد يعبِّر عنها، وبدون العدد لا يمكن إدراك أي شيء، أو معرفته". وقال غيره: "إن جميع الأشياء قد وضعت في ترتيب من عمل الآلهة، التي خلقت جميع الأشياء تبعاً لعدد يمكن للعقل وحده إدراكه، وعلى ذلك فهي حقيقة أبدية". وعندما سُئل فيثاغورس عمن هو الصديق، أجاب: "هو من كان صورة منِّي، مثل العددين 220 و 284". ويعنى هذا بالمفهوم الحديث أن عوامل 284 هي 1 و 2 و 4 و 71 و 142 ومجموع هذه العوامل 220. وأما عوامل 284 فهي: 1 و 2 و 4 و5 و10 و11 و 20 و22 و44 و 55 و 110، وهذه مجموعها 284. ويطلق فيثاغورس على مثل هذين العددين، اللذين يكون مجموع عوامل كل منهما مساوياً للآخر أعداداً متحابة. وكان الإغريق يجدون متعة، لا حد لها، في اكتشاف مثل هذين الزوجين من الأعداد المتحابة، وقد عرفوا منها نحو مائة زوج.

وقد وضع فيثاغورس صيغة للأعداد، التي سُميت فيما بعد باسمه (الأعداد الفيثاغورية)، وهي الأعداد التي تُشكل أضلاع مثلث قائم الزاوية، أطوال أضلاعه أعداد صحيحة. والصيغة التي وضعها فيثاغورس هي:

إذا كان م أي عدد فردي، فإن:

م2 + (م2 - 1)2 = (م2 + 1)2
2 2

وهناك صيغة أخرى هي:

(2م) 2 + (م 2 - 1) 2= (م 2 + 1) 2

أما شرط فيثاغورس أن تكون م فردية، فهو من أجل أن يكون العدد عدداً صحيحاً، وكذلك العددإذ أن مربع العدد الفردي هو عدد فردي، فإذا طرحنا من المربع العدد 1، أو أضفناه إليه أصبح عدداً زوجياً.

الأعداد اللانسبية (غير القياسية):

اعتقد الفيثاغوريون أن لكل رقم ميزة خاصة به، أو قُل، سحراً خاصاً به. وأنه ليس هناك شيء في الكون إلا يمكن التعبير عنه برقم مضبوط، بلا تقريب. وكان من الأسباب، التي حملتهم على هذا الاعتقاد، ملاحظتهم أن السُلَّم الموسيقي يتغير على أساس عددي بشكل يقابل الأعداد 1/ 2، 1/ 3، 1/ 4 من طول الوتر، ولهذا السبب، أطلقوا على مثل هذه الأرقام، والتي مقلوباتها متوالية عددية، بالأرقام التوافقية. غير أنهم وجدوا أن قطر المربع، الذي ضلعه الوحدة الواحدة، لا يمكن قياسه بدقة تامة؛ بمعنى آخر، ليس هناك مقياس مشترك بين قطر المربع وضلعه. وهذا يعني أنلا يمكن أن يُكتب بشكل نسبة بين عددين صحيحين. وكان برهانهم على أنعدد غير نسبي، كما ذكره أرسطو، كالتالي:

نفترض أن طول مربع ما هو (أ) وطول قطره هو (ج) ينبغي أن نبرهن على أن النسبة بين الطولين ج/أ تُشكِّل عدداً غير نسبي، فلنفترض أن ج/أ هو عدد نسبي، ونرمز له بشكل أبسط هو ل/م حيث ل ، م عددان صحيحان، ليس بينهما عامل مشترك (أي أوليان) فيكون

ج2/أ2 = ل2/م2 = 2

لأن ج 2 = 2أ 2

فيكون ل 2 = 2م 2

إذاً ل 2 عدد زوجي، وبالتالي فإن ل كذلك. ويجب أن يكون م عدداً فردياً.

إذن كان ل عدداً زوجياً، وليكن ل = 2 ن، فإن ل2= 4ن2 = 2م 2.

إذن م 2 عدد زوجي، ولذا فإن م عدد زوجي.

وهكذا وجدنا أن م عدد فردي وزوجي في آن واحد، وهذا مستحيل. إذاً فالعدد

ج/أ = هو عدد غير نسبي.

تعريف بالأعداد الإغريقية:

استخدم الإغريق أكثر من نظام عددي، وأهمها هو استخدام حروفهم الهجائية، وعددها 24 حرفاً، أضافوا إليها ثلاثة أحرف، أخذوها عن الفينيقيين؛ وقسَّموا هذه الحروف السبعة والعشرين إلى ثلاثة أقسام، كل قسم منها مكوَّن من تسعة أحرف:

التسعة الأولى تمثل أرقام الآحاد.

والتسعة الثانية تمثل أرقام العشرات

والأخيرة تمثل أرقام المئات

أما الآلاف فعبَّروا عنها بوضع علامة ' فوق أي رقم تعبيراً عن الألف. فالحرف A معناه واحد أما فمعناه ألف. والحرف معناه عشرة، أما فمعناه عشرة آلاف، وهكذا.

وإذا كان كل حرف يُمثِّل عدداً معيناً، فإن مجموع الأعداد، التي تُمثِّل حروف الكلمة، يُمثِّل العدد الدال عليها. ويعني هذا أن الكلمتين تكونان متكافئتين، إذا كان حاصل جمع الأعداد، الدالة على حروف أحدهما، مساوياً لحاصل جمع الأعداد، الدالة على حروف الأخرى. ومن ثم، فقد فسَّروا ما ورد في أساطيرهم، من انتصار البطل اليوناني أخيلليس Achilles، في ملحمة الإلياذة، على البطل الطروادي هكتور Hector، بأن مجموع أعداد حروف اسم الأول (1276) أكبر من مجموع أعداد حروف اسم الأخير (1225).

وذكرت إحدى أساطيرهم، أن أحد الشعراء، أراد القضاء على خصم له، يسمى تاماجوراس Tamagoras، فجمع الأعداد، التي تدل عليها حروف اسمه، وأثبت أنها تساوي مجموع حروف كلمة، هي اسم لمرض عُضال، فهلك.

وتوصل اليونانيون إلى معرفة المعداد، كما ذكر ذلك المؤرخ هيرودوت، والمؤرخ بوليبيوس، الذي يقول عن مجلس البلاط في أيام الملك فيليب الثاني، في مقدونيا:

"إن رجال حاشية الملك أشبه بحبَّات العدّ على المعداد، يمكن التحكم فيها، بكل سهولة، على هوى الذي يستخدم المعداد، وهذه الحبات، قد تكون، في وضع ما، ذات قيمة كبرى، وقد تكون في اللحظة التالية، عديمة القيمة".

وذكر هيرودوت استخدام الفرس لطريقة في حصر الأعداد الكبرى، أخذ بها اليونانيون، وذلك بقوله: " توقف الملك الفارسي، دارا الأول، في وادٍ فسيح بجوار شاطئ البحر. ووجد أن هذا هو أنسب مكان يعدُّ فيه جيشه. فبدأ بجمع عشرة آلاف رجل في مكان، متراصين بجانب بعضهم البعض، ثم رسم حولهم خطاً، وبنى سوراً منخفضاً، على هذا الخط، بعد إخراج هؤلاء الأفراد، ثم أمر بإدخال مجموعة أخرى، وهكذا، فكان العدد الإجمالي هو مليون وسبعمائة ألف".

أرشميدس، عبقري الأعداد، يعد حبات الرمال:

أثبت أرشميدسArchimedes (287 - 212ق.م)، في القرن الثالث ق.م، أن من المستطاع التوصل إلى معرفة، وتحديد، عدد أي شيء في هذا الكون، مهما كان؛ ففي مؤلَّفه "حاسب الرمال" (Psammites) يقول:

"يظن بعض الناس أن عدد حبات الرمال، في جزيرة صقلية، لا نهائي ويظن البعض الآخر أنه لا يمكن ذكر عدد، كائناً ما كان، يدل على عدد حبات رمال الأرض كلها. وإنني أقول، لو أننا تصورنا كتلة رملية في مثل حجم الأرض، بما فيها من بحار، وبعد ملء ما فيها من فجوات حتى تتساوى مع أعلى الجبال، فإنه يمكن معرفة عدد حبات رملها، بل يمكنني التوصل إلى عدد الحبات في كتلة رملية تعادل حجم الكون كله كذلك". والطريقة، التي يعرضها أرشميدس، لكتابة الأعداد الكبيرة في مؤلَّفة المشهور، تماثل الطريقة التي تُكتب بها الأعداد الكبيرة، في العلوم الحديثة؛ فهو يبدأ بأكبر عدد في علم الحساب اليوناني القديم، وهو "ميرياد Myriad "، أي عشرة آلاف، ثم يضيف عدداً جديداً هو "ميرياد ميرياد" أي مائة مليون، ويسميه أوكتاد Octade، ويستمر على هذا المنوال، فيضيف "أوكتاد أوكتاد" أي عشرة ملايين من البلايين، ثم أوكتاد أوكتاد أوكتاد"، وهكذا. وكان على أرشميدس أن يعرف مقدار اتساع الكون حتى يستطيع أن يحسب عدد حبات الرمال، اللازمة لملئه. وكان المعتقد، في ذلك الوقت، أن الكون تحيط به كرة، من البللور، ثُبّتِت النجوم على سطحها الداخلي. وكان أرستارخوس Aristarchus، عالم الفلك الشهير، الذي كان معاصراً لأرشميدس، قد قدَّر بُعد الأرض، من محيط تلك الكرة السماوية، بعشرة بلايين ستاديوم (أي ما يعادل بليون ميلاً تقريباً). وبمقارنة حجم هذه الكرة بحجم حبة الرمل، أجرى أرشميدس سلسلة من العمليات الحسابية المعقدة، خلص منها إلى النتيجة الآتية:

"من الواضح أن عدد حبات الرمل، التي تملأ فراغ الكون، بحسب البعد، الذي توصَّل إليه أرستارخوس، لا يزيد عن ألف ميرياد × أوكتاد 7"، أي ما يعادل بترقيمنا الحديث 10 63، أي واحد صحيح، وعن يمينه 63 صفراً .

ب. الرومان:

استخدم الرومان رموزاً تعبر عن أرقامهم، وكانت هذه الرموز سبعة فقط، بها كتبوا كل أعدادهم، هذه الرموز إما منفردة وإما مركبة. وتشمل هذه الرموز السبعةI (1)،V (5)،X (10)، L (50)،C (100)، D (500)، M (1000) وقد رمزوا إلى رقم 5 بعلامة تمثل كفاً مفتوحة V، إلا أن اتجاه فتحتها إلى أعلى، ورقم 10 بتكرار علامة الخمسة X، غير أن النظام العددي الروماني الذي كان مستخدماً نحو القرن الخامس قبل الميلاد يختلف عن النظام المستخدم الآن. فمثلاً يكتبون 4 بالشكل IIII، ورقم 9 بالشكل VIIII أما في الجمع فكان لهم رموز مختلفة للأرقام القابلة للقسمة على 1.000 .

وتُكتب الأعداد الرومانية من اليسار إلى اليمين، باستخدام مبدأ الإضافة في معظم الحالات، فتكتب الآلاف أولاً تليها المئات ثم العشرات وأخيراً الآحاد. ويكتب اليوم الوطني الماسي للمملكة العربية السعودية، (مرور 75 عاماً على تأسيسها) بالتقويم الميلادي، الذي يصادف سنة 2007، كالآتي MMVII .

في نظام الأعداد الرومانية، يكون وضع عدد أصغر قبل عدد أكبر، معناه أن الرقم الأصغر مطروح من الرقم الأكبر. ويُستخدم هذا المبدأ عموماً في الأربعات والتسعات. وعلى ذلك فإن رقم 4 يُكتب IV (5 ـ 1)، كما يكتب رقم 9 بالشكل IX (10ـ 1) وعادة ما ينطبق هذا المبدأ على أي رقم يبدأ بعدد 4، أو 9 مثل؛ 40 (XL) و 90 (XC) ومع ذلك يمكن أيضاً استخدام مبدأ الجمع في كتابة مثل هذه الأعداد فمثلاً يمكن كتابة 400 بالشكلCCCC بدلاً من CD

استخدم الناس في كل أنحاء أوروبا الأرقام الرومانية، حتى القرن السادس الميلادي. فقد وجدوا سهولة في الجمع والطرح باستخدام الأعداد الرومانية. غير أنهم وجدوا صعوبة في إجراء العمليات الحسابية الأخرى. وفي أواخر القرن السادس عشر، بدأ استخدام الأعداد العربية بدلاً من الرومانية. ويُستخدم الآن النظام الروماني لترقيم أوجه بعض الساعات، ولتسجيل التاريخ على الآثار والمباني العامة وأحياناً في ترقيم فصول بعض الكتب أو المطبوعات.

ليست هناك تعليقات: