2009/08/30

الفروع الأساسية في الرياضيات--- مجموعة الأعداد الحقيقي

منطق رياضي · نظرية المجموعات · توافقيات · نظرية الأعداد · جبر تجريدي · جبر خطي · نظرية الزمر · هندسة · طوبولوجيا · هندسة تفاضلية · تحليل رياضي · تحليل دالي · تحليل حقيقي · تحليل عقدي · تحليل عددي · تفاضل شعاعي · معادلات تفاضلية · نظرية الاحتمالات · إحصاء · رياضيات الاستمثال
----------------------------------------------------------------------------------------
في الرياضيات تعرف مجموعة الأعداد الحقيقية بأنها : هي مجموعة الأعداد التي تتكون من مجموعة الأعداد الغير كسرية(R\Q) و مجموعة الأعداد الكسرية (Q). تشمل مجموعة الأعداد الكسرية مجموعة الأعداد الصحيحة (Z)و الكسور, و تشمل مجموعة الأعداد الصحيحة مجموعة الأعداد الطبيعية(N). وبذلك تكون: مجموعة الأعداد الطبيعية مجموعة جزئية من مجموعة الأعداد الصحيحة والأخيرة مجموعة جزئية من مجموعة الأعداد الكسرية والأخيرة مجموعة جزئية من مجموعة الأعداد الحقيقية. حيث أن مجموعة الأعداد الطبيعية تبدأ من الصفر الصحيح إلى موجب ما لا نهاية بزيادة واحد صحيح في كل مرة ، أما مجموعة الأعداد الصحيحة فتشتمل على الأعداد من سالب ما لا نهاية بالإضافة إلى الصفر بالإضافة إلى الأعداد الموجبة التي تحتويها مجموعة الأعداد الطبيعية بزيادة واحد صحيح في كل مرة ، أما الأعداد الكسرية فتتكون من كسور الأعداد الصحيحة في صورة بسط و مقام, أما الأعداد الحقيقية فتشمل المجموعات السابقة كلها بالإضافة إلى الأعداد التي لا يمكن كتابتها على شكل كسور مثل الπ ( الباي) أي الأعداد اللا الكسرية.

يمكن تصور الأعداد الحقيقية بأنها أعداد غير متناهية على خط مستقيم.و تأخذ الأعداد الحقيقية اسمها من تضادها مع فكرة الأعداد التخيلية . كما يمكن لها أن تقوم بقياس الكميات المستمرة على اختلافها . يمكن التعبير عنها بالكسور العشرية التي تكون عادة سلسلة من الأرقام غير منتهية و غير دورية في حالة الأرقام غير الكسرية أو دورية في حالة الأعداد الكسرية .اذا نشأت فكرة الأعداد الحقيقية بسبب وجود أطوال لا يمكن التعبير عن قياسها باستعمال أعداد صحيحة أو كسرية ، لهذا يتم إنشاء مجموعة الأعداد الحقيقية و في هذه المجموعة المعادلة الآتية: x2 + a = 0 لها حل في هذه المجموعة:

2009/08/28

الفرق بين العدد و الرقم

الفرق بين العدد و الرقم

الأرقام ليست أعدادا وإنما هي أشكال تكتب بها رموز الأعداد، وإذا كانت الأعداد ليس لها آخر فإن الأرقام عددها عشرة، والأرقام العربية اسم يطلق على سلسلة الأرقام المستخدمة في العالم، وكذلك تسمى في المخطوطات الغربية، وهي 9-8-7-6-5-4-3-2-1-0، فرمز العدد اثنان يتكون من رقم واحد من الأرقام العربية وهو 2، ورمز العدد خمسة وعشرون يتكون من رقمين من الأرقام العربية هما الرقم5 والرقم2، ونقول العدد 25 ولا نقول الرقم 25.

2009/08/27

الأعداد في القرآن الكريم:

الأعداد في القرآن الكريم:

تنوعت الآيات القرآنية التي تناولت الأعداد والحساب والجمع والطرح والضرب والقسمة، فقد قال الله عز وجل:سورة الجن: الآية: 28وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا، وقال:سورة مريم، الآيتان 93 و94إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِلاَّ ءاتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّاوقال عن الحساب:سورة الإسراء: الآية: 12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءايَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا ءايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ.

وقال ذاكراً العدد الواحد:سورة البقرة: الآية 163وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.

وذكر العدد اثنين:سورة الرعد، الآية 3وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ.

وذكر العد ثلاثة:سورة آل عمران، الآية: 41قَالَ ءايَتُكَ أَلاّض تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا.

وذكر العدد أربعة:سورة التوبة، الآية: 2فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

وذكر العدد خمسة:سورة المجادلة، الآية: 7وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ.

وذكر العدد ستة:سورة الأعراف، الآية: 54إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.

وذكر العدد سبعة:سورة يوسف، الآية: 43إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَاف.

وذكر العدد ثمانية:سورة الحاقة، الآية: 7سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا.

وذكر العدد تسعة:سورة الإسراء، الآية: 101وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءايَاتٍ بَيِّنَاتٍ.

وذكر العدد عشرة:سورة البقرة، الآية: 196فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ.

ويوجد في القرآن آيات عديدة ذكرت أعداداً متفرقة، مثل العدد اثنتا عشرة:سورة البقرة، الآية: 60فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، والعدد تسعة عشر:سورة المدثر: الآية: 30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر، ومنها العدد تسع وتسعون:سورة ص، الآية: 23إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ، والعدد مائة:سورة البقرة، الاية: 259قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ، والعدد ألف:سورة الأنفال: الآية 66وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينوالعدد خمسين ألف:سورة المعارج، الآية 4تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة، والعدد مائة ألف:سورة الصافات، الآية: 147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُون.

وورد في القرآن التسلسل العددي:سورة المجادلة، الآية: 7مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا.

وكذلك في:سورة الكهف، الآية: 22سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ.

ونبَّه القرآن على مسألة العد والحساب، بل إن الله ـ عز وجل ـ سوف يسأل أهل الكفر يوم القيامة عن عدد السنين التي عاشوها في الدنيا:سورة المؤمنون: الآياتان 112 و113قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّين. وقد ذكر القرآن عملية الجمع بقوله:سورة الهمزة، الآيتان 1 و2وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ، وبقوله:سورة الأنعام، الآيتان: 143 و144ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الاُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْن.

كما ذكر عملية الطرح بقوله:العنكبوت، الآية: 14وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا.

وأشار إلى عملية الضرب بقوله:سورة الأنفال، الآييتان 65 و66وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ (65) الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَوأشار إلى القسمةسورة القمر، الآية: 28وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ وقوله:سورة النساء، الآية: 12فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ وأشار إلى الكسورسورة النساء، الآية: 11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُوقوله:سورة النساء، الآية: 12وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن.

2009/08/22

استخدام نظام الأعداد

استخدام نظام الأعداد

لنفترض أنه طُلب منا حل مسألة الجمع: 4+ 4 + 4 + 4= ؟. لو استخدمنا النظام ذا الأساس 10، لكان الجواب 16، كما يتضح من المجموعات التالية من النقاط.

+ + + =

4 + 4 + 4 + 4 = 16

آحاد آحاد آحاد آحاد مجموعة واحدة من 10 زائد 6 آحاد

وبالمقابل فإن استخدام الأساس 16 يعطي 4 + 4 + 4 + 4 =(10)16

+ + + =

4 4 4 4 (10) 16

آحاد آحاد آحاد آحاد مجموعة واحدة من 16

تختلف الأعداد في كل من الإجابتين، ولكن عدد النقاط لا يتغير. وتتكون الأعداد طبقاً لمبدئي التجميع وقيم الخانات، وكذلك الحال مع الطرح والضرب والقسمة، والتي يمكن دراستها عن طريق حل مسائل باستخدام أنظمة أعداد متعددة للترقيم، وبالتالي اكتساب فهم أعمق لاستخدامات الأعداد في الحساب.

الحساب العشري. يطلق مسمى الحقائق الحسابية على جمل مثل 4 + 5 = 9 ، 9 - 4 = 5، 9×5 = 45، 45÷9 = 5. وتستخدم كثير من هذه الحقائق في الجمع والطرح والضرب والقسمة.

الجمع العشري هو طريقة لضم مجموعتين أو أكثر من مجموعة واحدة فقط. ونستخدم مبدأ قيمة الخانة لجمع الآحاد مع الآحاد، والعشرات، وهكذا، كما يتضح من المثال التالي:


24
+ 12
36 4 آحاد + 2 عشرات
2 آحاد + 1 عشرات
6 آحاد + 3 عشرات

في هذا المثال استخدمنا حقيقة الجمع 4+2= 6 وحقيقة 2+1= 3 (يعني 2 من العشرات + 1عشرة = 3عشرات أو 30)؛ إذاً فالمجموع هو 3 عشرات زائداً 6 آحاد يعني 36. وفي بعض المسائل، يكون المجموع في خانة أو أكثر مساوياً لعشرة أو أكثر، وعندئذ يجب إعادة توزيع المجموعة، فلا نضع في حاصل الجمع، في خانة الآحاد، إلا ما يقل عن العشرة، ونأخذ الزائد كل عشرة بواحد، يضاف إلى خانة العشرات. وهذا ما يسمى في الجمع بعملية الحمل.

وتبين المسألة التالية كيفية إعداد التجميع في الجمع العشري.


1


48
+ 25
73 8 آحاد + 4 عشرات
5 آحاد + 2 عشرات
13 آحاد + 6 عشرات
أو بعد إعادة التجميع
3 آحاد + 7 عشرات

في هذه المسألة تجمع الآحاد إلى 13، ونستخلص منها عشرة واحدة زائد 3 آحاد. ومن ثم نكتب 3 في خانة الآحاد و 1 ذا حجم صغير في خانة العشرات فوق ال4، ثم نجمع العشرات: 1+4+2= 7عشرات أو 70. ويكون المجموع هو 70+3 أو 73.

الطرح العشري. هو طريقة معاكسة للجمع، وتتبع مبادئ الجمع العشري نفسها.


65
_ 23
42 5 آحاد + 6 عشرات
3 آحاد + 2 عشرات
2 آحاد + 4 عشرات

في هذا المثال استخدمنا الحقيقة 5-3= 2، والحقيقة 6-2= 4 (تعني 6 عشرات - 2عشرات= 4 عشرات). ولطرح عدد كبير من عدد أصغر في أية خانة، يجب أن نعيد التجميع ويطلق أحياناً على إعادة التجميع في الطرح مسمى الاستلاف. بمعنى أن نأخذ واحد من خانة العشرات، ونضيفه بقيمة عشرة إلى العدد في خانة الآحاد. ويوضح المثال التالي كيفية إعادة التجميع في الطرح العشري.


13 67
- 25
48 13 آحاد + 6 عشرات
5 آحاد + 2 عشرات
8 آحاد + 4 عشرات

في خانة الآحاد يجب طرح 5 من 3، وهو الأصغر، لذا نأخذ واحداً من الـ 7، وقيمته عشرة، فيكون العدد كأنه 6عشرات زائداً 13 من الآحاد ونوضح ذلك بكتابة 1 ذي حجم صغير مقابل الـ 3. وشطب الـ 7 وكتابة 6 ذات حجم صغير أعلاها. استخدم الطرح 13 - 5= 8 لتطرح الآحاد، و 6 - 2= 4 لطرح العشرات.

الضرب العشري هو طريقة لضم المجموعات المتساوية إلى بعضها البعض. وتعني حقيقة الضرب 4 × 6= 24 أن 4 مجموعات ذات ستة أشياء تضم ما مجموعه 24 شيئاً. وإليك طريقة استخدام قيمة الخانة لضرب 23 في 3:


23
× 3
69 3 آحاد + 2عشرات
3 آحاد
9 آحاد + 6عشرات

ابتداءاً احسب: 3×3 آحاد= 9 آحاد،

و 3×2 عشرات= 6عشرات، أو 60

ثم اجمع 60+9= 69.

في الضرب نعيد التجميع عندما يكون حاصل الضرب في أية خانة مساوياً 10 أو أكثر.


49
× 2
98 9 آحاد + 4عشرات
2 آحاد
18 آحاد + 8عشرات
أو بعد إعادة التجميع
8 آحاد + 9عشرات

في هذه المسألة، حاصل ضرب 2×9 هو 18، والذي يمكن إعادة تجميعه إلى 1عشرة واحدة زائداً 8 آحاد، ولذا نكتب 8 في خانة الآحاد ونكتب 1 ذا حجم صغير في خانة العشرات فوق الـ 4، ثم نضرب 2×4= 8 في خانة العشرات ثم نضيف الـ 1 لنحصل على 9.

وعندما يكون للمضروب فيه أكثر من رقم واحد، نكرر العملية لكل رقم ثم نضيف حاصل الضرب:


24
× 12
48
+ 24
288 4 آحاد + 2عشرات
2 آحاد + 1عشرات
8 آحاد + 4عشرات
4 عشرات + 2مئات
8 آحاد + 8عشرات + 2مئات

اضرب أولاً 24 في 2 تكون 8 في خانة الآحاد، 4 في خانة العشرات، ثم اضرب 24 في 1 عشرة واكتب 4 في خانة العشرات، 2 في خانة المئات. ثم أضف النواتج لتحصل على 288.

القسمة العشرية. هي طريقة معاكسة للضرب. وتعمل على تجزئة مجموعة واحدة إلى عدة مجموعات من الحجم نفسه. وفيما يلي طريقة قسمة 69 على 3:

23 3آحاد + 2عشرات
693 9 آحاد + 6عشرات3آحاد

6 6عشرات
09 9 آحاد

9 9 آحاد

احسب أولاً: "6عشرات ÷ 3= 2عشرات". اكتب في خانة العشرات فوق الـ 6. ثم احسب: 9آحاد ÷ 3= 3آحاد. اكتب 3 في خانة الآحاد فوق الـ 9. إذا 69 ÷ 3= 2عشرات + 3آحاد أو 23.

وكذلك يجعل مبدأ قيمة الخانة من قسمة الأعداد الكبيرة أمراً سهلاً.

82
1642

16
004
4

احسب أولاً: "16عشرة ÷ 2= 8 عشرات". اكتب 8 في خانة العشرات فوق الـ 6. ثم احسب 4آحاد ÷ 2= 2آحاد. اكتب في خانة الآحاد فوق الـ 4. إذا 164 ÷ 2= 8عشرات + 2آحاد أو 82.

الحساب الثنائي. له عدد محدود من الحقائق لأنه يستخدم رقمين فقط هما 0 و1.

الجمع الثنائي يعتمد على الحقائق التالية فقط:

0+0= 0، 0+1= 1، 1+0= 1، 1+1= 10

وفيما يلي طريقة استخدام هذه الحقائق لجمع 11+11:
الجمع الثنائي المعنى الجمع العشري
11
+ 11
110 1آحاد + 1 اثنين
1آحاد + 1 اثنين
10آحاد + 10اثنين
أو بعد إعادة التجميع
0آحاد +1اثنين + 1أربعات 3
+ 3
6

أولاً نستخدم الجمع 1+1= 10 (يعني 1 اثنين) لجميع الآحاد. أعد تجميع 10 اثنين إلى 1 اثنين. اكتب. في خانة الآحاد 1 ذا حجم صغير فوق عمود الاثنينات: ثم اجمع الاثنينات: 1+1= 10؛ 10+1= 11. اكتب 1في خانة الاثنينات، 1في خانة الأربعات. وبالتالي: 11اثنين+11اثنين= 110اثنين.

الطرح الثنائي. وأساسه أربع حقائق.

0-0= 0، 1-0= 1، 1-1= 0، 10-1= 1

وباستخدام هذه الحقائق اطرح 11 من 110
الطرح الثنائي المعنى الطرح العشري
110
- 11
11 10آحاد + 10اثنينات + 0أربعات
1آحاد + 1 اثنين
1آحاد + 1اثنين 6
- 3
3

في خانة الآحاد علينا طرح 1 من 0 لذا نعيد تجميع 1 أربعة زائد 10أحاد، ثم نستخدم 10-1=1 لطرح الآحاد. ولطرح الاثنينات، علينا مرة أخرى طرح 1 من 0 لأن إعادة التجميع السابق ترك في خانة الاثنينات. أعد تجميع 1أربعة زائد 10 اثنينات واستخدم 10-1= 1.

الضرب الثنائي يستخدم الحقائق التالية:

0×0= 0، 0×1= 0، 1×0= 0، 1×1= 1

حاصل ضرب أي رقمين يساوي دائماً 0 أو 1، لكن علينا إعادة التجميع عندما نضيف نتائج الضرب لإكمال أي مسألة ضرب. وكمثال إليك طريقة ضرب 11×11:
الضرب الثنائي المعنى الضرب العشري
11
×11
11

11
1001
1آحاد + 1لثنين
1آحاد + 1اثنين
1آحاد + 1اثنين

1اثنين + 1أربعات
1آحاد + 10اثنينات + 1أربعة
أو بعد إعادة التجميع
1آحاد + 0اثنينات + 0أربعات + 1ثمانية
3
× 3
9

اضرب واكتب حاصل الضرب كما تفعل في النظام العشري، مستخدماً حقائق الضرب الثنائي عند إضافة نتائج الضرب الجزئية. لنزل ال 1 في خانة الآحاد. أضف الاثنينات: 1+1= 10. أعد تجميع 10اثنينات إلى 1أربعة. اكتب في خانة الاثنينات وأضف 1 إلى 1 في خانة الأربعات: 1+1= 10. اكتب في خانة الأربعات و1 في خانة الثمانينات لتحصل على 1001.

النشأة الأولى للأرقام في العالم

النشأة الأولى للأرقام في العالم

وقبل الكلام عن غريزة العد في المخلوقات يجدر بالبحث أن يقدِّم تعريفاً للعد، والعدد، والأرقام، والحساب؛ فأمَّا العدُّ: فهو إحصاء الشيء.

وأما العدد: فهو مقدار ما يُعدُّ ومبلغه، وجمعه أعداد.

ومنه العدائد: وهو المال المقتسم والميراث، وهي جمع عديدة: وهي الحصة.

وأما الرقم: فهو الكتابة والختم.

والترقيم: هو تقييد الأعداد.

وأما الحساب: فقد عرَّفه عبدالرحمن بن خلدون، في مقدمته، بقوله:

"هو صناعة عملية في حساب الأعداد بالضم والتفريق، والضم يكون في الأعداد بالأفراد وهو الجمع، وبالتضعيف، تضاعف عدداً بآحاد عدد آخر، وهذا هو الضرب، والتفريق أيضاً يكون في الأعداد، أما بالأفراد مثل إزالة عدد من عدد ومعرفة الباقي، وهو الطرح، أو تفضيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتها محصلة، وهو القسمة، سواء كان في هذا الضم والتفريق على التصحيح من العدد أو التكسير".

والحساب أساس جميع الفروع الرياضية، سواء كانت بحتة أو تطبيقية، وهو أكثر العلوم نفعاً، وربما لا يوجد فرع آخر، في المعرفة الإنسانية، أكثر انتشاراً بين الناس مثله. وموضوعه العدد، والعدد إما مفرد وإما مركب:

فالمفرد: ما وقع في مرتبة واحدة كالواحد، والإثنين، والعشرة والتسعين.

والمركب: ما وقع في مرتبتين أو أكثر، كأحد عشر، وكمائة وثلاثة وثلاثين.

والعدد أيضاً إما زوج، وإما فرد:

فالزوج وهو أنواع:

1. زوج الزوج: وهو العدد الذي ينقسم إلى قسمين متساويين، وهو ما يقبل التنصيف إلى الواحد، مثل:

8 و 16 و 32

2. وزوج الفرد: وهو ما يتنصف مرة واحدة فقط، مثل:

6 و 10 و 30

3. وزوج الزوج والفرد: وهو يتنصف أكثر من مرة واحدة دون أن يصل التنصيف إلى الواحد، مثل:

12 و 20

وأما الفرد فهو:

أي عدد لا يمكن تقسيمه إلى نصفين، بحيث يكون كل منهما عدداً صحيحاً، مثل 1، 3، 7، 11

وهو غير العدد الأولي: الذي هو عدد كامل لا يقبل القسمة، دون باق، على أي عدد آخر، خلاف الواحد الصحيح، وذلك مثل:

3، 5، 7، 11، 13، 17، 19، 43، وهكذا.

عوامل العدد: هي الأرقام التي يقبل العدد القسمة عليها، فمثلاً: 1، 2، 3، 4، 6 هي عوامل العدد 12، لأنه يقبل القسمة عليها كلها.

والأعداد، بشكل عام، أنواع: تامة، وزائدة، وناقصة، ومتحابة.

أولاً: الأعداد التامة:

كل عدد يتساوى مجموع عوامله مع العدد نفسه، يسمى تاماً، وأصغر الأعداد التامة 6، فعواملها 1، 2، 3 مجموعها 6، يلي ذلك 28، وعوامله 1، 2، 4، 7، 14، مجموعها 28، ومن الأعداد التامة 496، و 8128، و 33550336 ولا يوجد في الآحاد سوى 6، وفي العشرات سوى 28، وفي المئات سوى 496، وفي الآلاف سوى 8128. وهي دائماً تبدأ إما بالرقم 6 أو 8 في آحادها. وهي دائماً أعداد زوجية. وجميع الأعداد التامة 17 عدداً فقط.

أما الأعداد الزائدة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أكبر منه، مثل العدد 12، الذي مجموع عوامله (1، 2، 3، 4، 6) 16 أكبر منه.

وأما الأعداد الناقصة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أصغر من العدد نفسه، مثل العدد 10، فإن مجموع عوامله (1، 2، 5) 8 أقل منه.

وأما الأعداد المتحابة:

وهي كل عددين مزدوجين، أحدهما ناقص، والثاني زائد، إذا كان مجموع عوامل كل منهما مساوياً للآخر، مثل العددين 220، وهو عدد زائد، و 284 وهو عدد ناقص.

(لاحظ أن:

عوامل العدد 220 هي 1 + 2 + 4 + 5 + 10 + 11 + 20 + 22 + 44 + 55 + 110 = 284

وأن عوامل العدد 284 هي 1 + 2 + 4 + 71 + 142 = 220

بالإضافة إلى ذلك هناك العدد التخيلي، والعدد الذري، والعدد الكتلي، والعدد الماخي، والعدد المركب، وبيانها كالتالي:

العدد التخيلي imaginary number

ظهر نتيجة البحث عن حلول للمعادلة س2 = -1، حيث لا يوجد جذر للأعداد السالبة، وفي الرياضيات القديمة اُعتقد أن هذه المعادلة ليس لها حلاً، حتى عام 1777 حين قام العالم السويسري ليونارد إيلر بتعريف الرمز الحديث ت وقيمتهويسمى العدد التخيلي، وهو يظهر كثيراً في الجبر (جبر المتجهات)، ويدل على أن المقياس (الإحداثي) الذي يمثله يتعامد على المركبة الأفقية (أي يصنع معها زاوية مقدارها 90 ْ).

العدد الذري atomic number

عدد البروتونات الموجودة في نواة الذرة، وهو العدد الذي يمثل العنصر في الجدول الدوري للعناصر، فمثلاً العدد الذري للأكسجين8، وهذا يعني أن ذرة الأكسجين تحتوي على ثمانية بروتونات في نواتها.

العدد الكتلي mass number

هو مجموع عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في نواة الذرة، ويمكن وجود عدد كتلي أو أكثر حسب نظير العنصر (نظير العنصر: يوجد العدد نفسه من البروتونات ولكن يختلف عدد النيوترونات وبالتالي يختلف المجموع وهو العدد الكتلي)

العدد الماخي mach number

النسبة بين سرعة أية طائرة أو قذيفة وبين سرعة الصوت. ومن ثم فإن العدد الماخي 2 يعني ضعف سرعة الصوت، والعدد الماخي 0.75 يعني ثلاثة أرباع سرعة الصوت. ويختلف العدد الماخي لأية سرعة محددة باختلاف الارتفاع والفصل من السنة، وموقع الطيران.

العدد المركب complex number

عدد يتكون من جزء حقيقي وآخر تخيلي. وعلى سبيل المثال فالعدد أ + ب ت(ت=) يمثل عدد مركباً. وتستخدم مثل هذه الأعداد لتحليل البعض الآخر منها، فضلاً عن استخدامها في نظرية التيارات الكهربائية المترددة.

هناك أيضاً الأعداد الصماء: وهي الأعداد التي لا يمكن التعبير عنها بعدد كامل، أو كسر من عدد كالجذر التربيعي.

كيف نشأت الحاجة إلى العد

عاش الإنسان القديم تحيط به ظواهر الطبيعة من كل جانب. وكان هناك الكثير من الظواهر التي تشده إليها، وتدفعه إلى التأمل والتفكير. فحينما يتجه إلى السماء ليلاً يجد النجوم المتلالأة، وإذا اتجه ببصره إلى الأرض، نهاراً، وجد الأشجار الباسقة، وما يحيط به من إنسان وحيوان. وكل هذه، وغيرها، دفعته إلى المقارنة بين هذه الكميات، وإلى أن يحصي عددها، أو يدرك مقدارها، هل هي كثيرة؟ أو كثيرة جداً؟ أو قليلة جداً؟ وهذا في الواقع هو بداية التفكير في العد والأعداد.

تطور طرق العد

تشير الدلائل إلى أن فكرة الإنسان الأول عن الكميات لم تكن واضحة تمام الوضوح؛ فكان ينظر إلى الأشياء التي يراها، باعتبارها وحدة واحدة؛ فإذا كانت مجموعة من الحيوان مثلاً، نظر إليها على أنها وحدة واحدة، وليست أفراداً. ولعل أول طريقة عبر بها القدماء عن الكمية كانت باستخدام الإشارة بالأيدي للدلالة على مقدار الكمية؛ فهي كثيرة جداً، أو كثيرة، أو قليلة، أو قليلة جداً، وكان في كل حالة يفتح الذراعين بقدر معلوم للدلالة على تلك الكمية كوحدة، وهذا يشبه معاملة الأطفال الصغار عندما يعبرون عن الشيء الكثير قبل أن تكون لديهم فكرة عن معنى الأعداد، وأسمائها، وعن النظام العدي، أي أن فكرة الإنسان البدائي عن الكميات كانت فكرة تقريبية، وليست فكرة مضبوطة تماماً. كما أنه لم يستخدم كلمات أو رموزاً للتعبير عن الكمية.

وأتت، بعد ذلك، مرحلة استخدم فيها الإنسان الأشياء، وأوصافها للتعبير عن الكميات. ولم يكن الراعي ليدرك مثلاً أنه يملك خمسة رؤوس من الأغنام، وإنما استخدم الكلمات لمعرفة كميتها، بقوله:
إن عنده واحدة لونها أبيض، وواحدة لونها بني، وواحدة ذات قرون طويلة، وما يشبه ذلك، أي أنه يعرفها فرداً فرداً، بقدر ما تسمح به ذاكرته، وبقدر عدد القطيع، حتى إذا بلغ مقداراً لا تعيه ذاكرته، أو التبست عليه الألوان، أو تعددت الأنواع، وأصبح لديه من كل نوع، أو لون، كمية معينة، شعر بعجز تلك الطريقة، وبدأ يفكر في طريقة أخرى أكثر دقة في العد .

وكانت المرحلة الثانية، هي مرحلة المطابقة بين الشيء ونظيره، أو "واحد لواحد"، كما ذكر البحث من قبل، وتتلخص هذه الطريقة في المقارنة بين الشيء وما يناظره. وكانت تلك النظائر في أول الأمر أشياء بسيطة سهلة، يراها الإنسان، ويحس بها، أو مجموعات معروفة له، كأصابع اليدين، وأجنحة الطير أو مخالبها، وأذني الإنسان، وما شابه ذلك. ومن أمثلة هذا أن يقول رجل لآخر: "قتلت اليوم من الذئاب قدر ما للنعامة من أظلاف" أو "إن عنده من النساء قدر ما عند الإنسان من آذان". وفكرة مقارنة الأشياء بمجموعات معروفة، مثل: الأنف، والأذنين، وأوراق نبات البرسيم، وأظلاف النعام، وأصابع اليد، تقابل اليوم 1، 2، 3، 4، 5، على الترتيب.

ولا ريب أن فكرة التجميع قد سهلت على الإنسان البدائي عملية التفكير في مجموعات تمثِّل المقادير، ولكن هذه المجموعات كانت صغيرة، ولا تصلح للكميات الكبيرة، وهذا ولَّد لدى الإنسان الشعور بالحاجة إلى اختراع طريقة أخرى من طرق المطابقة، وكانت تلك هي طريقة استخدام الحصى، فعدد أفراد القطيع، أو السهام، أو الأشجار، التي يملكها، أو كمية الطير التي اصطادها، يمكن أن يعرف مقدارها عن طريق مطابقتها مع كمية معينة من الحصى. وما زال أفراد بعض القبائل الهندية، في ولاية أريزونا يحمل كيساً به مجموعة من الحصى تطابق كمية ما عنده من الخيل. وقد استخدم بعض الأقدمين بدلاً من المطابقة بالحصى نوعاً من الأحجار المستطيلة على هيئة عصى يحفرون عليها علامات. وكل علامة تقابل فرداً مما يملكون، بحيث يدل مقدار الحفرات، أو الحزَّات على عدد هذا الشيء. ولكن البعض تخلص من الجهد اللازم للحفر على الحجر؛ فاستخدام فروعاً من الأشجار يسجل عليها علاماته بعمل حزات بآلة حادة لتمثل الكميات، التي لديه. ولجأ آخرون إلى استخدام ألياف الأشجار، وعمل عُقد عليها بقدر الكمية الموجودة. ولا شك أن طريقة المقارنة جعلت الإنسان يشعر بشيء من الثقة في معرفة كمية ما عنده من أشياء، عند مقارنتها بالعلامات أو بالحصى.

كما أن هذه الطريقة أعطت فكرة "التساوي" عندما تتم المطابقة، وفكرة "أقل" أو "أكثر" في حالتي عدم المطابقة، وهي، على أي حال، كانت خطوة نحو الأمام في تطور التفكير البشري، إلا أن هذه الطريقة ظلت قاصرة عن أن تدل الرجل البدائي على عدد ما عنده، أو تعطيه اسماً، أو عدداً، يبين المقدار الذي يريده، ليسجل الاسم أو العدد بسهولة، وبساطة، بدلاً من الحصى الذي يحمله، أو الأحجار، وفروع الأشجار التي يحفر عليها.

2009/08/15

الطوسي (597-672هـ / 1201 -1274م)

الطوسي (597-672هـ / 1201 -1274م)

مساحة الأشكال البسيطة من مخطوط للطوسي مساحة الأشكال البسيطة من مخطوط للطوسي



نظرية المثلث قائم الزاوية للطوسي نظرية المثلث قائم الزاوية للطوسي


أبو جعفر محمد بن محمد الحسن نصير الدين الطوسي، عالم رياضي وفلكي وهندسي اشتهر في القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي. ولد في خراسان سنة 597هـ / 1202 م، عاش في بغداد حيث اشتهر بين أصدقائه وذويه وعلماء المشرق والمغرب بلقب "علامة".
أخذ نصير الدين علمه عن كمال الدين بن يونس الموصلي مما دفعه إلى الولع بجمع الكتب حتى كان ينفق الكثير من أمواله على شراء الكتب النادرة. كما تعلم اللغات اللاتينية والفارسية والتركية فأكسبه ذلك مقدرة على فهم واستيعاب معارف شتى. كما درس تراث الإغريق وترجم كتبهم وبرز في علوم المثلثات والجبر والفلك والهندسة، حتى أسندت إليه إدارة مرصد مراغة ، وهو مرصد عرف بآلاته الفلكية الدقيقة وأرصاده المنتظمة ومكتبته الضخمة وعلمائه الفلكيين الذين كانوا يتقاطرون عليه من مختلف أنحاء العالم طلبا للعلم.
ولقد احتل الطوسي مكانة عالية ودرجة رفيعة عند خلفاء العباسيين لنباهته وحدة ذكائه، ولهذا فإن أحد وزراء البلاط أضمر له الغدر حسدا وأرسل إلى حاكم قهستان يتهمه زورا وبهتانا ، مما دفع به إلى السجن في إحدى القلاع، وكان من نتيجة سجنه أن أنجز في خلال اعتقاله معظم مصنفاته في الفلك والرياضيات، وهي التي كانت سبب ذيوع صيته وشهرته وبروز اسمه بين عباقرة الإسلام في جميع الأنحاء. وعندما استولى هولاكو المغولي على السلطة في بغداد أخرج الطوسي من السجن وقربه إليه وجعله أميرا على أوقاف المماليك التي استولى عليها ، فاستغل الطوسي الأموال التي كسبها في بناء مكتبة ضخمة حوت أكثر من أربعمائة ألف مجلد من نوادر الكتب.
ولقد أبدع الطوسي في علم الرياضيات بجميع فروعه، وكان له فضل وأثر كبيران في تعريف الأعداد الصم، كما يعود إليه الفضل في فصل حساب المثلثات عن علم الفلك. وهو أول من طور نظريات جيب الزاوية إلى ما هي عليه الآن مستعملا المثلث المستوي. كما كان أول من قدم المتطابقات المثلثية للمثلث الكروي قائم الزاوية. كما وضع قاعدته التي أسماها " قاعدة الأشكال المتتامة " فهي تخالف نظرية بطليموس في الأشكال الر باعية، وهي في الحقيقة صورة مبسطة لقانون الجيوب الذي يقضي بأن جيوب الزوايا تتناسب مع الأضلاع المقابلة لها.
وفي الهندسة أظهر الطوسي ذكاء منقطع النظير،حيث بنى برهانه على افتراضات عبقرية. ثم إن الطوسي برهن أيضا أن نقطة تماس الدائرة الصغرى على قطر الدائرة الكبرى، وهي النظرية التي كانت أساس تعميم جهاز الأسطرلاب المستعمل في علم الفلك. وقد اهتم الطوسي كذلك بالهندسة الفوقية أو اللا إقليدية (الهندسة الهندلولية) التي تثبت على أسس منطقية تناقض هندسة إقليدس والتي كان يعتقد أنها لا تقبل التغير أو الانتقاد، ذلك أن الطوسي أبدع في دراسة العلاقة بين المنطق والرياضيات.
كما نال الطوسي سمعة طيبة مرموقة في علم البصريات، إذ أتى ببرهان مستحدث لتساوي زاويتي السقوط والانعكاس.
ألف الطوسي في علم الحساب وحساب المثلثات والجبر والهيئة والجغرافية والطبيعيات والمنطق، حتى إن عدد كتبه فاق (145) كتابا. معظمها في شروح ونقد كتب اليونان من أهمها: كتاب المأخوذات في الهندسة لأرخميدس ، وكتاب الكرة والأسطوانة لأرخميدس ، وكتاب أرخميدس في تكسير الدائرة وغيرها ، وكتاب الكرة المتحركة لأطوقولوس ، وكتاب الطلوع والغروب لأطولوقوس ، ورسالة تحرير كتاب الأكر لمنالاوس ، وكتاب تحرير إقليدس ، وكتاب المعطيات لإقليدس ، ورسالة في الموضوعة الخامسة (من موضوعات إقليدس).
أما أهم مصنفاته فهي: الرسالة الشافية عن الشك في الخطوط المتوازية ، وكتاب تحرير المناظر (في البصريات)، وكتاب تسطيح الأرض وتربيع الدوائر ، وكتاب قواعد الهندسة ، وكتاب الجبر والمقابلة ، ورسالة في المثلثات الكروية ، وكتاب مساحة الأشكال البسيطة والكروية ، وكتاب تحرير المساكن ، وكتاب الجامع في الحساب ، ومقالة في القطاع الكروي والنسب الواقعة عليه ، ومقالة في قياس الدوائر العظمى .

2009/08/14

بردية رند الرياضية "كراسة أحمس"

بردية رند الرياضية "كراسة أحمس"

تتكون من طبقتين من أوراق البردى، محفوظة، حالياً بالمتحف البريطاني في لندن (رقم 10057 ـ 10058). وقد عثر الباحثون على جزء صغير يصل بينهما في الجمعية التاريخية في نيويورك وهي جميعاً تكون رسالة، أو كراسة واحدة، يبلغ طول البردية، ككل، 544 سم، ويرجع تاريخها إلى عصر الهكسوس في مصر (1725 ـ 1575 ق.م).

سُميت بردية "رند" نسبة إلى مكتشفها العالم "رِند"Rhind، الذي اكتشفها عام 1858 يذكر كاتب البردية أنه نسخها من وثيقة أقدم ترجع إلى عصر الأسرة الثانية عشرة (1991 ـ 1786 ق.م). ويوجد في أعلى إحدى صفحاتها اسم الملك الهكسوسي "عاو سر رع ـ أبو فيس الأول".

ويقول كاتب البردية في الصفحة الافتتاحية منها: "قواعد للبحث في الطبيعة، وفي معرفة كل ما هو كائن وكل ما هو غامض، بل وجميع الأسرار. أشهد أن هذه الوثيقة كُتبت في العام الثالث والثلاثين، في الشهر الرابع من فصل الفيضان، في عهد ملك مصر العليا والسفلى، عاو سر رع، له الحياة، نقلاً عن وثيقة أقدم تم تدوينها أيام ني معات رع (أمنمحات الثالث 1843 ـ 1997 ق.م) ملك مصر العليا والسفلى. وكاتب هذه النسخة هو الكاتب أحمس".

وقد تضمنت البردية مسائل أساسية في الحساب والهندسة. وتوجد عدة ترجمات لهذه البردية باللغة الإنجليزية، وبلغات أخرى

مميزات النظام العددي الحالي

مميزات النظام العددي الحالي

هكذا كانت رحلة الأعداد في تطورها، وتحدثت صفحات التاريخ عن نظم عددية مختلفة، ارتبط كل منها بحضارة من الحضارات القديمة، أهمها حضارات المصريين والبابليين والإغريق والرومان والهنود والعرب، إلا أن كلاً من هذه الحضارات كانت تضع لبنة، أو لبنات في بناء ذلك النظام العددي الذي يسود عالمنا المتحضر اليوم، وهو النظام الذي طغى على ما سبقه من نظم، حتى أصبح لغة عالمية واحدة، في كافة أرجاء العالم، في حين لم تصل اللغات بعد إلى ما يشبهها، ولولا الأرقام لما وجد اليوم دليل تليفونات، أو قائمة أسعار، أو تقارير للبورصة، ولما وجد هذا الصرح الشامخ من علوم الرياضة، والطبيعة، والفلك، بل لما وجدت الطائرات، التي تسبق الصوت، أو صواريخ الفضاء.

وفي عصرنا هذا أصبح في استطاعتنا أن نكتب ما نشاء من الأعداد، بالغة ما بلغت من الكبر، سواء أكانت تمثل نفقات الحرب بالمليمات، أم الأبعاد الفلكية بالبوصات، بمجرد كتابة العدد اللازم من الأصفار على يمين عدد ما، وتستطيع أن تستمر في كتابة الأصفار حتى تكل يدك، وتكون قد كتبت، بدون أن تدري، عدداً يزيد حتى عن عدد الذرَّات التي بالكون، والذي يبلغ بهذه المناسبة: 3 وأمامها 74 صفراً

وتستطيع أن تكتب هذا العدد بالصورة المختصرة 3×10 74 والعدد 74 المكتوب أعلى 10 إلى اليسار يدل على عدد الأصفار المكتوبة، أو بعبارة أخرى، إن 3 يجب أن تُضرب في 10 أربعاً وسبعين مرة.

يتميز النظام العددي الحالي بعدة مميزات، يمكن إيجازها فيما يلي:

1. استخدام تسعة أرقام والصفر:

باستخدام تسعة أرقام والصفر يمكن كتابة أي عدد مهما كانت قيمته، سواء أكان عدداً صحيحاً أم كسراً. ولسنا في حاجة لمعرفة أكثر من هذه الرموز العشرة لنبني منها الأعداد مهما بلغت قيمتها، بينما إذا نظرنا إلى النظم العددية القديمة، لوجدنا رموزاً مختلفة يتحتم حفظها لكتابة الأعداد الكبيرة، ومهما كبر العدد احتجنا إلى رموز أكثر، إلى جانب وجود تشكيلات مختلفة لهذه الرموز والعلاقة بينها، فالرمز الدال على العدد 5 في النظام العددي الروماني ـ مثلاً ـ لا علاقة له بالرمز الدال على 50 أو 500 أو 5000

2. الترتيب والقيمة المكانية للرقم

يتميز النظام العددي الحالي بترتيب ثابت، لا يتغير: فمثلاً تأتي 4 قبل 5، و5 قبل 6، و8 بعد 7، وهكذا في أرقام الآحاد، والعشرات، والمئات..الخ، وهذا الترتيب الموضعي للرقم في غاية الأهمية؛ لأنه يبين قيمة العدد عند مقارنته بغيره من الأعداد، ويبين تدّرج الأعداد. وتختلف قيمة الرقم تبعاً لوضعه المكاني في العدد، فمثلاً العدد 4444 مكوّن من رمز واحد متكرر، وهو 4، لكن قيمة ال 4 تختلف حسب مكانها، فالأولى 4 وحدات، والثانية 4 عشرات، والثالثة 4 مئات، والرابعة 4 آلاف. وما ينطبق على هذا الرقم ينطبق على غيره من الأرقام في مختلف الأعداد. ولا ريب أن الصفر هو الذي سهل استخدام الخاصية المكانية للرقم، وسهل كتابة الأعداد، وإجراء العمليات المختلفة. فالعلاقة ـ مثلاً ـ بين 5 و 6 تعطي نفس المعنى بين 50 و 60، وبين 500 و 600 وهكذا. أي أن فكرة الآحاد تسري على العشرات والمئات والآلاف ... الخ. وهذا يساعد في سهولة تدريس الحساب للتلاميذ في المدارس؛ فمثلاً إذا عرف التلميذ مجموع 3 و 4 فإنه يستطيع بالطريقة نفسها، أن يجمع 30 و 40، ثم 300 و 400 وهكذا. وما ينطبق على جمع 7 و 5 لتساوي 12، ينطبق على 70 + 50 لتساوي 120، ثم 700 + 500 لتساوي 1200. وكذلك في الطرح والضرب والقسمة.

3. الأساس 10

أساس النظام العددي الحالي هو العشرة، أي أننا بعد الأرقام التسعة الأولى، نكوِّن وحدة من عشرة، ونجمع بعد ذلك في وحدات من عشرات.

أكبر عدد والسطر المطبوع.

لعل أكبر عدد تناولته الأقلام بالذكر هو الذي يتعلق بمشكلة "السطر المطبوع" المشهورة. ولتوضيح ذلك نفرض أننا صنعنا آلة طباعة، تطبع بصورة مستمرة سطراً بعد آخر، وتختار، من تلقاء نفسها، لكل سطر ترتيباً مختلفاً من الحروف ورموز الكتابة. وتحتوي مثل هذه الآلة على عدد من الأقراص المستقلة للحروف والرموز، وتتصل الأقراص ببعضها، بحيث إذا دار قرص تحركت الأقراص التالية.

وتتحرك المطبعة، وتتابع السطور المطبوعة تلقائياً، حيث تُطبع جميع الترتيبات الممكنة لها للحروف والرموز. إننا عندئذ سنجد جُملاً كثيرة لها معنى، وجملاً أخرى لا معنى لها مثل: "أحب التفاح مطبوخاً في النفط"، أو "سمك لبن تمر هندي". وستطبع هذه المطبعة الآلية كل ما كُتب منذ أن عرف الناس الكتابة، من شعر ونثر، ومقالات، وإعلانات في الصحف، وجميع الكتب العلمية، والخطابات الغرامية، والفواتير المختلفة. بل، أكثر من ذلك، ستطبع كل ما سوف يُكتب في القرون العديدة القادمة، من شعر أو نثر، واكتشافات المستقبل، وحوادث التصادم، في طرق المواصلات، بين الكواكب عام 2541، على سبيل المثال، وصفحات من الأقاصيص والروايات. فإذا حسبنا عدد السطور، التي سوف تطبعها تلك الآلة، وتتضمن جميع الترتيبات الممكنة للحروف والرموز الكتابية الأخرى، إذا أخذنا في اعتبارنا أن عدد الحروف الهجائية 28 حرفاً، وبإضافة الهمزة تكون تسعة وعشرين حرفاً، وعدد الأرقام العشرة (من صفر إلى 9)، وإذا فرضنا ان عدد الرموز الأخرى، كعلامات الوقف، والتعجب، والفاصلة، والأقواس، يبلغ أحد عشر رمزاً، كانت جملة كل ذلك خمسين حرفاً ورمزاً. ولنفرض أن الآلة الطابعة بها 65 أسطوانة تناظر متوسط ما يتسع له السطر الواحد، وهو 65 مكاناً. ولما كان السطر الواحد يمكن أن يبدأ بأي واحد من تلك الرموز والحروف، فثمة 50 طريقة لشغل المكان الأول. ولكل طريقة من هذه الطرق 50 طريقة لشغل المكان الثاني، وبذلك يكون عدد طرق شغل المكانين الأول والثاني معاً 50 × 50 أي 2500 طريقة. ولكل ترتيب من هذه الترتيبات 50 طريقة لشغل المكان الثالث، وهكذا، فجملة الترتيبات المختلفة التي يمكن أن يُشغل بها السطر كله تبلغ 65 مرة / 50×50×50× ... ×50

أو 50 65، وهذا يساوي 10 110. ولكي ندرك ضخامة هذا العدد نفرض أن لدينا مطابع آلية بقدر عدد الذرات التي بالكون أي 3×10 74 مطبعة تعمل كلها معاً. ولنفرض مثلاً أن هذه المطابع بدأت العمل منذ 3 بليون سنة، (أي 10 17 ثانية) بلا توقف، وأنها تطبع بمعدل الذبذبات الذرية أي 10 15 سطراً في الثانية الواحدة، فيكون عدد الأسطر التي تم طبعها إلى الآن هو 3×10 74×10 17×10 15= 3×10 106 سطراً تقريباً، وهو يساوي جزءاً من ثلاثة آلاف جزء من عدد الأسطر كلها!!

وهذا المثال يقصد أنه توجد أعداد لا نهائية، وهي أكبر من أي عدد يمكننا كتابته مهما أطلنا في الكتابة، ومن الواضح مثلاً أن عدد "جميع الأعداد" لا نهائي، وكذلك عدد النقط الواقعة على مستقيم ما. لا يمكن معرفة شيء عن هذه الأعداد سوى أنها لا نهائية، بل إن الأعداد الفردية وحدها لا نهائية، والأعداد الزوجية وحدها لا نهائية. فسبحان الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.

النسبة والتناسب:

النسبة والتناسب:

توسع العرب في بحوث النسبة، وقالوا بأنها على ثلاثة أنواع: العددية والهندية والتأليفية، وأبانوا كيفية استخراج الأنغام والألحان من الأخيرة. وكذلك أجادوا في موضوعات التناسب، وكيفية استخراج المجهول بوساطتها، وذكروا بعض خواص النسبة فيما يتعلق بالأبعاد والأثقال من العجائب ما يثير الدهشة، مثل قولهم، كما جاء في رسائل إخوان الصفا:

"ومن ذلك ما يظهر في ميزان القباني، وذلك أن أحد رأسي عمود القبان طويل، بعيد عن المعلاق ـ أي عن نقطة الارتكاز ـ والآخر قصير قريب منه، فإذا عُلَّق على رأسه الطويل ثقل قليل، وعلى رأسه القصير ثقل كثير تساويا وتوازيا، متى كانت نسبة الثقل القليل إلى الثقل الكبير كنسبة بُعد رأس القصير إلى بُعد رأس الطويل من المعلاق. ومن ذلك أيضاً ما يظهر في ظل الأشخاص من التناسب بينها، وذلك أن كل شخص مستوي القد منتصب القوام، فإن له ظلاً، وأن نسبة طول ذلك الشخص إلى طول قامته في جميع الأوقات، كنسبة جيب الارتفاع في ذلك إلى جيب تمام الارتفاع سواء ، وهذا لا يعرفه إلا المهندسون، أو أساتذة الرياضيات. وذلك يظهر، كذلك، في الأجسام الطافية فوق الماء، والتناسب بين أثقالها، ومقعر أجرامها في الماء. وذلك أن كل جسم يطفو فوق الماء فإن مكانه المقعَّر يسع من الماء بمقدار وزنه سواء، فإن كل ذلك الجسم لا يسع مقعره بوزنه من الماء سواء فإن ذلك الجسم يغوص في الماء، ولا يطفو، وإن كان ذلك المقعر يسع بوزنه من الماء سواء، فإن الجسم لا يغوص، ولا يبرز فوق الماء، بل يبقى سطحه مستوياً مع سطح الماء سواء، ومن ذلك أن كل جسمين طافيين فوق الماء، فإن نسبة سعة مقعَّر أحدهما إلى الآخر كنسبة ثقل أحدهما إلى الآخر سواء.

وبحث العرب استخراج المجهولات، وبرعوا في الطرق التي اتبعوها لذلك، فقالوا باستخراج المجهولات بالأربعة المتناسبة، وبحساب الخطأين، وبطريقة التحليل والتعاكس، وبطريقة الجبر والمقابلة، وكانوا يكثرون من الأمثلة والتمارين في مؤلفاتهم، ومن أمثلة حساب الخطأين:

مسألة: "إذا قيل لك مال جُمع ثُلثه وربعه فكان واحداً وعشرين" وجاء الحل على الصورة الآتية:

ضع الواحد والعشرين على القبة، واتخذ إحدى الكفتين من 12 والثانية من 24، هكذا


الكفة الأولى الكفة الثانية

- ثم قابل الجزء من الاثني عشر بها على القبة {إذا فرضت المال 12 فإن ثلثه وربعه= 7}

- تجد الفضل بينهما {أي بين 7 و 21} أربعة عشر ضعها تحت الكفة الأولى.

- ثم افعل ذلك في الكفة الثانية تجد الفضل بينهما 7، ضعها تحت الكفــة الثانيــة.(21-14=7)

- ثم اضرب فضل الكفة الأولى وهو 14 في الكفة الثانية يخرج لك 336، احفظه، (14×24=336)

- ثم اضرب فضل الكفة الثانية وهو 7 فيما في الكفة الأولى يخرج لك 84،(7×12=84)

- اطرحها من المحفوظ يتبقى 252،(336-84=252)

- اقسم على 7 وهو الفرق بين فضل الكفة الأولى والثانية(14-7=7)، يخرج لك 36 وهو العدد المجهول".(252÷7=36)

ويمكن التوضيح بشكل آخر:

أي أنك إذا فرضت المال 12 فإن 1/3 × 12 + 1/4 × 12 =7

12 - 7 = 14 تضعه في أسفل الكفة اليمنى

ثم تفرض المال 24 فإن 1/3 × 24 + 1/4 × 24 = 14

21 - 14 = 7 تضعه في أسفل الكفة اليسرى

ولإيجاد المال نجري العمل هكذا (14×24-7×12) ÷ (14-7) = 36 وهو المطلوب.

أما طريقة استخراج المجهولات بطريقة التحليل والتعاكس، فهي "العمل بعكس ما أعطاه السائل، فإن ضعف فنصِّف، وإن زاد فانقص، أو ضرب فاقسم، أو جذَّر فربِّع، أو عكس فاعكس، مبتدئاً من آخر السؤال ليخرج الجواب مثال: لو قيل إن عدداً ضُرب في نفسه، وزيد على الحاصل اثنان وضعف، وزيد على الحاصل ثلاثة دراهم وقُسم المجموع على خمسة، وضرب الخارج في عشرة حصل خمسون".

نقسم الخمسين على 10 ينتج 5، نضربها في مثلها ينتج 25 ننقص منها 3 ينتج 22، ومن نصفه (11) ننقص 2 ينتج 9، وجذره التربيعي هو 3 .

وتوضيحها كالتالي:

(1) 50 ÷ 10 = 5

(2) 5 × 5 = 25

(3) 25 - 3 = 22

(4) 22 ÷ 2 = 11

(5) 11 - 2 = 9

(6) = 3

وكان العرب يأتون بمسائل عملية تتناول ما كان يقتضيه العصر، وبدور على المعاملات التجارية، والصدقات وتقسيم الغنائم، وإجراء الرواتب على الجنود، كما تطرق إلى البريد، وطرق البيع والشراء، وهذه ميزة تميزت بها المؤلفات العربية القديمة.

ولم يقف العرب عند هذا الحد، بل أخذوا الأعداد، وتعمقوا في نظرياتها، وأنواعها، وخواصها، وقال علماؤهم في خواص بعض الأعداد ما يلي: "ما من عدد إلا وله خاصية أو عدة خواص. ومعنى الخاصية أنها الصفة المخصوصة للموصوف، الذي لا يشاركه فيها غيره. فخاصية الواحد أنه أصل العدد ومنشؤه، وهو يعد العدد كله، أزواجه وأفراده جميعاً. ومن خاصية الإثنين أنه أول العدد مطلقاً، وهو يعد نصف العدد، الأزواج دون الأفراد. ومن خاصية الثلاثة أنها أول عدد الأفراد، وهي تعدُّ ثلث الأعداد تارة، وتارة الأزواج. ومن خاصية الأربعة أنها أول عدد مجذور .

أقسام الأعداد

قسَّم العرب الأعداد إلى قسمين:

أزواج وأفراد، وبينوا معنى كل منهما، وذكروا أنواعها بالتفصيل. وأن العدد من جهة أخرى ينقسم إلى ثلاثة أنواع: العدد التام، والناقص، والزائد، وعرفوا كذلك الأعداد المتحابة.

وكذلك عرف العرب المتواليات الحسابية والهندسية ، على أنواعها، وذكروا قوانين خاصة لجمعها، كما أتوا على قواعد لاستخراج الجذور، ولجمع المربعات المتوالية، والمكعبات، وبرهنوا على صحتها، وتوصلوا إلى نتائج باهرة.

هل علم الجبر من ابتكار علماء العرب المسلمين؟

أطلق علماء العرب لفظة (جبر) على علم الرياضيات، الذي يُعتبر في الأصل تعميماً لعلم الحساب، وليس هناك أدنى شك أن علم الجبر علم عربي، فهم أول من أطلق عليه لفظة جبر، وعنهم أخذ علماء الغرب والشرق هذه اللفظة فصارت Algebra، واستعملوها في لغاتهم المختلفة حتى يومنا هذا. ومفهوم الجبر هو علم "النقل والاختزال" أو "علم المعادلات" بوجه عام. وكان أول من ألَّف فيه هو "محمد بن موسى الخوارزمي" في كتابه "حساب الجبر والمقابلة" وهو الكتاب الذي ـ شأن كتب الخوارزمي الأخرى ـ تُرجم إلى اللاتينية . وقد عرّف ابن خلدون الجبر بقوله:

"هو صناعة يُستخرج بها العدد المجهول من قبل المعلوم المفروض إذ كان بينهما نسبة تقتضي ذلك، فاصطلحوا فيها على أن جعلوا للمجهولات مراتب من طريق التضعيف بالضرب، أولها العدد، لأنه به يتعين المطلوب المجهول باستخراجه من نسبة المجهول إليه، وثانيها الشيء، لأن كل مجهول فهو من جهة إبهامه شيء، وهو أيضاً جذر لما يلزم تضعيفه في المرتبة الثانية. وثالثها المال، وهو أمر مبهم، وما بعد ذلك فعلى سبيل الأسس في المضروبين، ثم يقع العمل المفروض في المسألة فتخرج إلى معادلة بين مختلفين أو أكثر من هذه الأجناس، فيقابلون بعضها ببعض، ويجبرون ما فيها من الكسر حتى يصير صحيحاً، ويحيطون المراتب إلى أقل الأسس، إن أمكن، حتى يصير إلى الثلاثة، التي عليها مدار الجبر عندهم، وهي العدد والشيء والمال، فإن كانت المعادلة بين واحد أحد تعيَّن فالمال والجذر يزول إبهامه بمعادلة العدد، ويتعين، والمال وإن عادل الجذور، فيتعين بعدتها، وإن كانت المعادلة بين واحد واثنين أخرجه العمل الهندسي من طريق تفصيل الضرب في الاثنين، وهي مبهمة فيعينها ذلك الضرب المفصل، ولا يمكن المعادلة بين اثنين واثنين وأكثر، وما انتهت المعادلة بينهم إلى ست مسائل، لأن المعادلة بين عدد جذر ومال مفردة أو مركبة تجيء ستة" .

اشتغل علماء العرب بالجبر، وأتوا فيه بأعمال جعلت أكبر علماء الرياضيات الغربيين يعترفون لهم بما قدموه للبشرية في هذا الحقل الحيوي. وقال أحدهم: "إن العقل ليندهش عندما يرى ما قدمه العرب والمسلمون في الجبر. فلقد كان كتاب الخوارزمي في حساب الجبر والمقابلة منهلاً نهل منه علماء المسلمين وأوروبا على السواء، واعتمدوا عليه في بحوثهم، وأخذوا عنه كثيراً من النظريات، لهذا يحق القول بأن الخوارزمي وضع علم الجبر على أسسه الصحيحة".

الخوارزمي، والأعداد، والجبر:

يقول الخوارزمي في كتابه: ".. وإني ألفت من حساب الجبر والمقابلة كتاباً مختصراً للطيف الحساب وجليله، لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم. وإني لما نظرت فيما يحتاج إليه الناس من الحساب، وجدت جميع ذلك عدداً. ووجدت الأعداد إنما تركبت من الواحد، والواحد داخل في جميع الأعداد. ووجدت جميع ما يُلفظ به من الأعداد ما جاوز الواحد إلى العشرة يخرج مخرج الواحد، ثم تُثنى العشرة وتثلَّث، كما فُعل بالواحد، فتكون منها العشرون، والثلاثون إلى تمام المائة. ثم تثنى المائة، وتثلث، كما فُعل بالواحد وبالعشرة، إلى الألف. ثم كذلك تردد الألف عند كل عقد إلى غاية المدرك من العدد. ووجدت الأعداد التي يحتاج إليها في حساب الجبر والمقابلة على ثلاث ضروب:

وهي جذور، وأموال، وعدد مفرد لا يُنسب إلى جذر ولا إلى مال. فالجذر منها كل شيء مضروب في نفسه من الواحد، وما فوقه من الأعداد، وما دونه من الكسور. والمال كل ما اجتمع من الجذر المضروب في نفسه. والعدد المفرد كل ملفوظ به من العدد بلا نسبة إلى جذر ولا إلى مال. فمن هذه الضروب الثلاثة ما يعدل بعضها بعضاً. وهو كقولك أموال تعدل جذوراً، وأموال تعدل عدداً، وجذور تعدل عدداً..".

ويتضح من ذلك أن الجذر هو ما يُرمز إليه في الجبر الحديث بالرمز (س)، والمال (س2)، والعدد المفرد هو العدد الخالي من س .

وقد أتى الخوارزمي على حل كل من هذه الأقسام بذكر الأمثلة، وإيضاحها بالتفصيل، ولم يستعمل في ذلك رموزاً، ومن يطلع عليها يدرك الجهد الكبير، الذي كان يبذله، هو وغيره من علماء العرب في حل المسائل الجبرية، والعناء الذي كانوا يلاقونه في إجراء العمليات الجبرية. ومن حلول هذه الأنواع، وشرحها بأمثلة عددية، يتبين أن العرب كانوا يعرفون حل المعادلات من الدرجة الثانية. وهي الطريقة نفسها، الموجودة الآن في كتب الجبر للمدارس الثانوية. ولننظر إلى المعادلة الآتية التي وردت في كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي:

"مالان وعشرة جذور تعدل ثمانية وأربعين درهماً" وكيفية الحل كما يلي:

مالان إذا جُمعا، وزيد عليهما مثل عشرة جذور أحدهما بلغ ثمانية وأربعين درهماً، فينبغي أن ترد المالين إلى مال واحد، وقد علمت أن مالاً من مالين نصفها، فاردد كل شيء في المسألة إلى نصفه. فكأنه قال: مال وخمسة أجذار يعدل 24 درهماً. ومعناه أي مال إذا زدت عليه خمسة أجذاره بلغ أربعة وعشرين، ننصَّف الأجذار فتكون اثنين ونصفا، فاضربهما في مثلها فتكون ستة وربعاً، فزدها على الأربعة والعشرين، فيكون ثلاثين درهماً وربع درهم، فخذ جذرها وهو خمسة ونصف، فانقص منها نصف الأجذار، وهو اثنان ونصف، يبقى ثلاثة، وهو جذر المال، والمال تسعة...،

ومعنى ذلك أن الحل بالرموز هو:

2س 2 + 10 س = 48

أي: س 2 + 5 س = 24

س =+ 24 - 5/2= 11/2 - 5/2= 3 وهذا هو جذر المال.

والمال الذي هو س2= 3×3= 9

وورد في كتاب الخوارزمي طرق هندسية لحل بعض معادلات الدرجة الثانية، نورد حل معادلة منها على سبيل المثال:

س 2 + 10 س = 39

نفرض أن ج ب = س، ثم ننشئ عليه المربع أ ب ج د، ونمد دأ، و دج، إلى هـ، م بحيث يكون أهـ = ج م = 1/2 × 10 = 5

مساحة المربع أج = س × س = س 2

مساحة المستطيل ب هـ = 5 × س = 5 س

مساحة المستطيل ب م = 5 × س = 5 س

وحينئذ س 2 + 10س تساوي مجموع مساحة المربع (أج) ومساحة المستطيلين ب هـ ، ب م.

ولكن س 2 + 10س= 39

لذلك فإن مجموع مساحة المربع أج والمستطيلين ب هـ، ب م يساوي 39.

ولكن مساحة المربع ب ع = 5 × 5= 25

فإذا أضفنا مساحة المربع ب ع إلى كل من الطرفين ينتج أن:

س 2 + 10س + 25 = مساحة المربع أج + مساحة المستطيل ب هـ + مساحة المستطيل ب م + مساحة المربع ب ع

ولكن س 2 + 10س + 25 = 39 + 25 = 64

ومساحة المربع أج والمستطيلين ب هـ ، ب م، والمربع ب ع تساوي مساحة المربع دع

ومساحة المربع دع = 64 أي أن الضلع دم = 8

ولكن دم = س + 5 أي أن س + 5 = 8

س = 3

وقدَّم الخوارزمي الحلول المثالية التي تساعد على عملية توزيع الإرث من جهة، وتوزيع الأنصبة للموصى لهم من جهة ثانية، ويجري كل ذلك حسب ما تقره الشريعة الإسلامية.

وقد طبق المسلمون علم الحساب في تجارتهم اليومية، وعلم الجبر في علم الميراث، المعروف بعلم "الفرائض"، ولم يجعلهم ذلك يقفون عند حده، بل دفعهم إلى البحث عن معرفة أوقات الصلاة، التي تختلف حسب المواقع، ومن يوم إلى آخر، ومن المعروف أن حسابها يحتاج إلى معرفة عرض الموقع الجغرافي، وحركة الشمس في البروج، وأحوال الشفق الأساسية، هذا بالإضافة إلى اتجاه المسلمين إلى الكعبة في صلواتهم، مما يستلزم معرفتهم سسمت القبلة، وهناك صلاة الكسوف أو الخسوف، التي تقتضي معرفتها استعمال الحسابات الدقيقة. وهناك أيضاً هلال شهر رمضان، وأحكام الصوم، مما حمل الفلكيين على البحث عن مسائل عويصة تتصل بشروط رؤية الهلال، وأحوال الشفق، فبرزوا في ذلك، واخترعوا حسابات دقيقة لم يسبقهم إليها أحد .

الأرقام العربية الهندية

الأرقام العربية الهندية

بعد انتشار الإسلام، اشتد التعطش إلى العلم، وبخاصة علم الحساب، فقد كان لا بد من التدقيق في ضبط أوقات الصلوات في جميع البلدان الإسلامية مهما كانت الفروق في الطول والعرض، ومهما كان اختلاف مطالع الهلال. كما كان لا بد من ضبط بداية الصيام، وأول الفطر، ويوم الوقوف بعرفة، ووسائل قسمة الفيء والغنائم قسمة عادلة، وحساب الفرائض في المواريث، حسبما أرادها الله عز وجل، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ابن ماجه في كتاب الفرائض، باب الحث على تعليم الفرائض، ج2، رقم 2719، ص908 وفي رواية الترمذي، والطبراني (ج1، ص153):تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها، فإني امرؤ مقبوض، والعلم مرفوع، ويوشك أن يختلف اثنان في الفريضة والمسألة، فلا يجد أن أحداً يخبرهماتعلموا الفرائض وعلموها، فإنها نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي< FONT />

وكان لا بد من ضبط الحسابات في الدواوين المختلفة. كل ذلك جعل علماء المسلمين يرون أن علم الحساب فرض واجب، وقد قال أبو حامد الغزالي: "إن علم العدد من فروض الكفايات، التي لا تسقط عن الأمة إلاّ متى قام بها بعض أفرادها"

وهكذا، كان لا بد لعلماء المسلمين من إيجاد طريقة في الحساب تكون أسهل من حساب الجُمل، فاتخذوا الأرقام الهندية، لأنهم وجدوها سهلة وواضحة، وليس فيها أي تعقيد، وهناك روايتان في هذا الشأن:

الأولى: أن الأرقام التسعة، ومعها الصفر، قد أدخلها راهب يسمى سويرس سيبخت، في حوالي عام 622م، من الهندية إلى السريانية، ثم إلى العربية. وقد عُثر على أجزاء من كتابه ذلك الراهب، حيث ينحي فيه باللوم الشديد على الناس؛ لشدة إعجابهم بما هو رومي، وفي معرض التدليل على أن لدى غير الروم ما يستحق الإعجاب، يذكر الراهب أن الهنود بتسعة أرقام فقط يستطيعون أن يكتبوا أي عدد، كائناً ما كان. وهذه أقدم إشارة إلى الأرقام الهندية .

الثانية: أن العرب أخذوه عن عالم هندي وفد على الخليفة العباسي المنصور في عام 154هـ (773م) ، وهناك من يقول أن المنصور تلقَّى هدية من الهند وفيها كتاب مغلَّف بغلاف ثمين. وكان فيه الأرقام والحساب. ويسمى السند هند.

ومهما يكن من أمر، فقد أخذ العرب الأرقام عن الهنود فهذَّبوها، واستخدموها. وقد أصبح ذلك من الحقائق المسلَّمة التي لا تحتاج إلى مزيد بحث أو بيان، بعد أن ذكر المؤرخ اليعقوبي أن الأرقام العربية، أخذوها عن الهند وهي من وضع أحد ملوكهم. وإن الإقليدس سمَّاها أحرف الهند ، وأن ابن النديم عزاها إلى السند ، وأن ابن الياسمين قد عدَّها "من جملة أعمال أهل الهند ، وأن نصير الدين الطوسي ذكر أنها "منسوبة إلى الهند" .

وهكذا نقل الفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري الأرقام الهندية، وبيّن في كتابه "السند هند الكبير"، أشكال الأرقام الهندية. وكان الفزاري هذا عالماً بالنجوم، وهو الذي قيل عنه: "أربعة لم يُدرَك مثلهم في فنونهم: الخليل بن أحمد، وابن المقفَّع، وأبو حنيفة، ومحمد بن إبراهيم الفزاري".

ولكن الجانب الذي شغل عدداً من الباحثين، ولم يتفقوا على نتيجة قطعية فيه، حتى اليوم، هو السؤال عن ذلك الشكل الخاص الذي أخذه العرب، أو رسموا به أرقام الهنود. يذكر أحد المستشرقين أن الهنود كانت لديهم عدة طرق في الترقيم:

منها الطريقة البرهمية التي يوجد فيها "لكل اسم من أسماء الأعداد إشارة خاصة، والأعداد الصغرى تُكتب على اليمين، والكبرى على اليسار، وأغلب هذه الإشارات العددية تشبه الأحرف، ولكن لم يكن في نظامهم إشارة للصفر".

ويمكن القول أن العرب، بعد أخذهم شكل تلك الأرقام، أجروا عليها من التعديل والتشذيب، ومنحوها من الذوق والإنسيابية واللمسة الفنية ما جعل لها صورة متميزة، وشكلاً خاصاً، وطرقة معينة في الكتابة. وربما كانوا يستهدفون، بهذا التطوير، أن يجعلوا تلك الأرقام أكثر شبهاً وقرباً إلى حروف أبجديتهم ذات القيمة العددية أيضاً، في الشكل والرسم، ولعل هذا التحوير هو الذي جعل بعض الباحثين حائراً في الأمر، إذ يرى العرب يطلقون على الأرقام، التي يستعملونها، اسم الأرقام الهندية، ولكنها، في الوقت نفسه، تغاير صور الأرقام التي يستعملها الهنود.

ويبقى السؤال قائماً، ما هي أشكال تلك الأرقام، التي أخذها العرب عن الهنود، وأضفوا عليها من التحسين والتجميل ما أملاه ذوقهم الأصيل؟

وما هي السمات والملامح المميزة للأرقام الجديدة؟

وهل كانت الصورة الأولى الرائدة هي تلك التي كتب بها عرب المشرق أرقامهم، وما زالوا يستعملونها حتى اليوم 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9 ؟ أم تلك التي يكتب عرب المغرب والتي تسمى الأرقام الغبارية 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ؟

أم أن كلتي الصورتين المذكورتين، قد وُلدتا معاً كما تولد التوائم؟

إن العرب، عندما وقفوا على الأشكال المتعددة للأرقام الهندية قاموا بتهذيبها، وكوَّنوا من ذلك سلسلتين اشتهرت إحداهما باسم الأرقام الهندية، وعُرفت الثانية باسم الأرقام الغبارية.

ويبدو أن استعمال كلمتي "الهندية" و"الغبارية"، وتكرار إطلاقهما على تلكم المجموعتين، قد أحدث كثيراً من الخلط والالتباس، ونشأ عنه جدل وخلاف كبيران، في حين أن هاتين التسميتين لا تعنيان وجود شيئين متغايرين، بل هما اسمان ينبئان عن مسمى واحد، هو الرقم المنقول نفسه. إذ يسمي "الهندي" تارة لأنه مأخوذ من الهند ويسمي "الغباري" تارة أخرى لأن أهل الهند يتخذون لوحاً أسود اللون ينثرون عليه الغبار، ويرسمون من الأرقام ما شاءوا. ولذلك يُسمى حساب الغبار.

ولقد انتشر استعمال هذين النظامين من الأرقام في الدول العربية آنذاك خلال القرن الهجري، وفي هذين النظامين للأرقام استعمل العرب الصفر، الذي اشتق من دائرة ذات مركز في الوسط، وقد استعمل الإطار الخارجي للدائرة ليكون هو الصفر في الأرقام الغبارية. أمّا الأرقام الأخرى، الهوائية، فقد أخذت النقطة الموجودة في مركز الدائرة تعبيراً عن الصفر. وقد استخدم الخوارزمي الأرقام الهوائية في كتابه "حساب الجبر والمقابلة" في حوالي عام 200 هجرية، في عهد الخليفة المأمون، وقد سميت هذه الأرقام بالأرقام الهندية، أو الأرقام الخوارزمية، وكانت شهرة الخوارزمي، وشهرة مؤلفاته عاملاً أساسياً في انتشار هذه الأرقام في المشرق العربي، والبلدان الإسلامية الأخرى، إذ أن مؤلفاته كانت هي المعمول بها في الدولة العباسية خلال تلك المرحلة، وقد ساعد ذلك على انتشار الأرقام الهندية، ومكَّنها من إزاحة سلسلة الأرقام الغبارية في هذه الأجزاء من الدولة الإسلامية. أما الأرقام الغبارية، فهي الأرقام التي استُعملت في المغرب العربي، وفي الأندلس إبان الحكم الإسلامي، وانتقلت إلى أوروبا والغرب عن طريق البلاط البابوي في روما ليُطلق عليها هناك اسم الأرقام العربية Arabic Numbers. وهذه الأرقام العربية الغبارية تتكون من عشرة أشكال بسيطة بما فيها الصفر، ويمكن تركيب وكتابة أي عدد منها مهما كان كبيراً من هذه الأرقام، والأشكال العشرة . وهذه الميزة الطبيعية أعطت السبق للأرقام العربية بنوعيها على الأرقام الرومانية، أو الأرقام المكوَّنة من أشكال وحروف عديدة، وكذلك على الأرقام العربية القديمة المرتبطة بحساب الجُمَّل، والمكوَّنة من مجموع الحروف الأبجدية، كما أن الأرقام العربية، بنوعيها، سهلة الاستعمال، والتركيب، والكتابة، ويمكن فهمها وكتابتها ب سهولة تامة، ودونما عناء أو صعوبة، وهي صالحة للنظام العشري، ولجميع العمليات الحسابية والجبرية والرياضية، التي لم يكن ممكناً القيام بها بدون الأرقام العربية المبسَّطة، وهذا هو الذي مكنَّ الأرقام العربية من التحول إلى أرقام عالمية مستعملة في الشرق والغرب، وهي أداة علم وتقنية رفيعة، بدونها ما كان للإنسانية أن تصل إلى ما وصلت إليه من علم وتطور، ورقي وازدهار .

الزوايا في الأرقام العربية الغبارية

ترتبط الأرقام العربية بعلم الزوايا، فكل زاوية تمثل رقماً واحداً، فالرقم واحد يتكوَّن من زاوية واحدة، والرقم اثنان يتكوَّن من زاويتين، والرقم ثلاثة يتكوَّن من ثلاث زوايا، وهلم جراً... إلى أن نصل إلى العدد تسعة، فنراه مكوَّنا من تسع زوايا . كما هو موضح بالشكل:



أما الصفر، فهو الدائرة، لأنها ليست رقماً أو عدداً وإنما هي مكوَّنة من لا شيء. والقصد من استعمالها هو الدلالة على موقع الفراغ بالنسبة للأرقام.

ويرى آخرون أن هذه الأرقام تقترب من أشكال بعض الحروف العربية، وقد جمعها بعضهم في الأبيات التالية:
ألف وحاء ثم حج بعـــده عين وبعد العين عو تُرسم
هاء وبعد الهاء شكلٌ ظـاهر يبدو كمخطاف إذا هو يرقم
صفران ثامنها وقد ضُما معاً والواو تاسعها بذلك تُختم
1 2 3 4 5 6 7 8 9
أ ح حج عـ عو لا 7 8 و

ولكن هذا الرأي لم يلق قبولاً .

خلاف كبير:

انقسم كثير من النقاد إلى فريقين:

الفريق الأول يرى أن الأرقام الشرقية هي الأصل، وأنها هي التي شاعت قديماً وحديثاً، واستعملت في المخطوطات العامة، أو في مخطوطات الحساب، ويقدم هذا الفريق أدلة كثيرة، ووثائق تدل على ما يقول. ويؤكد على ضرورة التمسك بهذه الأرقام العربية الأصيلة، وعدم الاستجابة لدعوى توحيد الأرقام العربية على الأرقام الغبارية المستخدمة في دول الغرب، ودول المغرب العربي حفاظاً على الهوية العربية. ويتساءل أفراد هذا الفريق:

هل ستجني الأمة العربية من وراء تغيير أرقامها الشائعة المتداولة فائدة في دنيا العلم، أو ثمرة في حقول المعرفة؟

ويقولون إن الأخذ بالأرقام الغبارية سيؤدي إلى تغيير النطق بها لتنسجم مع الكتابة، فيقال في الخمسة والعشرين "عشرون خمسة"، وما هكذا نطقت العرب. يُضاف إلى ذلك أن الكتابة بالأرقام الغبارية تستغرق وقتاً أطول في الكتابة. ويقولون إن الأخذ بالأرقام الغبارية، التي هي مرتبطة الآن بالأجانب، فيه تنكر للتراث العربي والإسلامي، الذي سارت معه الأرقام قروناً طويلة، وسيؤدي ذلك إلى حرمان الأجيال الجديدة منه، وليس في ذلك مصلحة للعرب والمسلمين، وسيؤدي أيضاً إلى إنفاق أموال طائلة من أجل إعادة طبع الكتب بالأرقام الجديدة، وتغيير أجهزة الطباعة، وأرقام آلات الكتابة التي تعد بالملايين. وسيؤدي إلى قطع الصلة بكتب التراث العربي الإسلامي، وتحويل ما يزيد على ألف مليون عربي ومسلم إلى أسلوب جديد في كتابة الأرقام. والأخطر من ذلك كله هو البدء بالتفكير في الخطوة الجديدة، وهي الأخذ بالحرف الأوروبي لينسجم مع الأرقام، أي أنه العودة إلى ما دعا إليه المستعمرون، وأنصارهم، وهو الأخذ بلغات أوروبا ليتقدم العرب والمسلمون، بعد أن تأخروا لأخذهم بلغة القرآن. وأخطر من ذلك أن الدول الإسلامية ستهتز الصورة لديها، وربما فكَّرت بتغيير حروفها وأرقامها ما دام العرب أنفسهم لم يحافظوا على تراثهم ولغة دينهم.

ووصل بعض أفراد هذا الفريق إلى القول بأن الدعوة إلى تغيير الأرقام فتنة، وأنها ستصيب العرب والمسلمين جميعاً، وقد قال الله سبحانه وتعالى: سورة الأنفال، الآية: 25وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب.

أما الفريق الثاني

فيرى أفراده أن شكل الأرقام الغبارية هو الأصل، وأن العرب المغاربة ظلوا يستخدمونها، ثم اقتبسها الغربيون عن طريق عرب الأندلس، وإن المغاربة لا يزالون يستعملون طريقة أجدادهم في كتابة الأرقام، ولا يُظن أنهم يكتبون الأرقام الإفرنجية، وإنما الفرنجة هم الذين يكتبون الأرقام المغربية. أما الصفر فكان يُرسم عند الهنود على شكل دائرة في قطبها نقطة، فاستعمل عرب المشرق النقطة تاركين الدائرة، واستعمل عرب المغرب الدائرة دون النقطة. وأن الأرقام العربية الغبارية، التي يستعملها العالم المتطور المتحضر، هي لغة الحضارة والتقدم، وأساس العلم والتقنية المعاصرة، وكانت هذه الأرقام هي المرتكز الأساسي الحضاري الذي مرجعه التطور الرقمي، وعلم الحساب، الذي برع فيه المسلمون، ونُقل عنهم عبر الأندلس إلى أوروبا والعالم. وأن هذه الأرقام، ليست إفرنجية، بل هي عربية، والعرب هم الوحيدون الذين لا يستعملونها، وأنه يجب على العرب العودة إليها، وتلك مسؤولية الجميع، وبالأخص المهنيين، ومن بينهم المهندسون العرب، وأنه لمن المؤلم أن يظل العالم العربي منقسماً على نفسه، فمتى نوحِّد الجهود، ونتبنى الأرقام الغبارية في كافة أقطارنا العربية. قد وافقت على الدراسة التي أعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم حول موضوع توحيد الأرقام العربية، واستخدام الأرقام الغبارية في المنظمات العربية التابعة للجامعة العربية ، وإذا كانت المؤسسات العلمية، والمنظمات العربية، والجمعيات العلمية، والمكاتب الاستشارية في المشرق العربي، والعديد من المؤسسات المصرفية، تساند استعمال الأرقام الغبارية لأسباب عديدة، أهمها:

1. أنها أرقام عربية الأصل.
2. أنها تحمل اسم الأرقام العربية Arabic Numbers في اللغات الأجنبية، وأنها تُستعمل في جميع أنحاء العالم.
3. أنها تغني عن ترجمة الجداول الرياضية، وتخفف أعباء ترجمة الأرقام في الكتب العلمية.
4. أنها تحل مشكلة الصفر، فهو دائرة متميزة في الأرقام الغبارية، لا نقطة ضائعة، مما قد يسبب اللبس أو الغموض.
5. أنها تحقق مبدأ عالمية الأرقام الذي هو مبدأ مفيد، ذو مردود متميز في العلاقات الدولية .

وهكذا، يطالب أفراد هذا الفريق بانطلاقة في الجامعات، والمؤسسات العلمية، وبحملة في الصحافة لتوعية الناس، وحثهم على تقبل الأرقام الغبارية، وضرورة استعمالها على لوحات السيارات وترقيم الشوارع والوحدات، والأحياء السكنية. وأن أقطار المشرق العربي، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي مدعوة لأن تأخذ زمام المبادرة لإحلال الأرقام الغبارية محل الأرقام الحالية لمسايرة لغة وأسلوب العصر، والبدء في تعليمها لأطفالنا في المدارس من الآن. ويعتبر أفراد هذا الفريق أن ثمة أمثلة رائدة، ومنها جميع إصدارات بيت القرآن في البحرين ومطبوعات الشركة السعودية للأبحاث والتسويق في جريدة الشرق الأوسط، ومجلة "المجلة" و "سيدتي" و "المسلمون"، وجريدة "الأيام" ومجلة "صدى الأسبوع" في البحرين وجريدة "الأولى" الكويتية منذ إصدارها وغيرها

كان هذا هو الخلاف بين الفريقين، ولكلٍ حججه وأدلته، عرضها البحث بإيجاز، وأحال صور الوثائق التي تقدم بها الفريقان إلى ملاحق البحث. ومن الواضح أن بقاء الوضع الحالي هو أسلم الأمور، وأصح الاتجاهات، دون خوض تجارب، ومعارك، وإنفاق الأموال الطائلة فيما لا يجدي. وطالما أن النصوص الأولى أثبتت أن العرب استخدموا الأرقام المشرقية، فلا شك أنها هي الأقدم، وأن الحقائق التالية يجب وضعها في الاعتبار:

1. إن الأرقام العربية الأولى (الشرقية)، هي غير الأرقام التسعة التي وجدت متناثرة في اللغات الهندية المختلفة.
2. إن أول من حفظ لنا هذه الأرقام بشكلها الحالي هو الخوارزمي.
3. إن الفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري ألَّف كتاباً سماه "السند هند الكبير"، ونقل فكرة الأعداد من الهنود، ووضع لها الأشكال التي عليها بأمر الخليفة المنصور.
4. إن النظام العشري غير منقول عن الأمم الأخرى، وإنما هو أصيل عرفه العرب في بيئتهم. وإنه كان بابلياً، ولا يُستبعد أن يكون الهنود قد أخذوه عن البابليين.
5. إن الأرقام والحروف الأبجدية اختلفت لدى الهنود أنفسهم في إقليم ما عنه في إقليم آخر.
6. إن شكل الرقم العربي ليس كشكل الرقم الهندي، والاختلاف بينهما واضح.
7. إن أبا الريحان البيروني (المتوفي عام 440هجرية ـ 1048ميلادية)، أشار إلى طريقة الهنود في استخدام الحروف الأبجدية والأرقام بقوله: "وليس يجرون على حروفهم شيئاً من الحساب كما نجريه على حروفنا في ترتيب الجمل، وكما أن صور الحروف تختلف في بقاعهم كذلك أرقام الحساب، وتسمى "إنك"، والذي نستعمله نحن مأخوذ من أحسن ما عندهم، ولا فائدة في الصور بأرقام هي كالنقوش أو كحروف أهل الصين ولا تُعرف إلا بالعادة وكثرة المزاولة، ولا تُستعمل في الحساب على التراب".
8. إن الخوارزمي ذكر نوعين لشكل الأرقام، وقد ساد الأول، وما يزال مستعملاً، وأما الثاني فاستخدمه أهل المغرب، وسار أصلاً للأرقام المستعملة في العالم الآن.
9. إن الأرقام ظهرت مع الصفر مرسوماً نقطة في كتب عربية أُلِّفت منذ سنة 787م قبل أن تظهر في الكتب الهندية.
10. إن هناك من علماء العرب من يؤكد أن الأرقام الشائعة في المشرق العربي هي أرقام آرامية، فينيقية، بنطية، تدمرية، فهي لذلك عربية الأصل لا شك في ذلك، ولا عبرة بما يقوله بعض الإخوة في المغرب، أو غيرهم.

وقد قال أحد علماء الغرب البارزين، وهو بارون كارول دو: "إن المسلمين قد وفَّقوا توفيقاً كبيراً في علوم مختلفة، وهم الذين علَّموا الناس استعمال الأعداد، ونظموا الجبر والمقابلة على شكل علم صحيح. أما الذين يستدلون على الأصل الهندي لها استناداً إلى أن الإقليدس سماها "أحرف الهند"، أو إلى ما أشبه ذلك من الأقوال، فهذا ليس دليل أصل للأرقام نفسها، وإنما هو طريقة وأسلوب، وليس يوجد أي دليل قطعي يؤيد ما يستدلون به. وفوق ذلك إن الجزيرة العربية، والهلال الخصيب ـ وهما موطن أجداد العرب الأوائل ـ سبقاً بحضارتهما حضارات الأرض الأخرى، وفيها عُرفت اللغة والنظم والتجارة، والعمارة، والأعداد قبل الهند وفارس، وغيرهما. فلا يُعقل نُكران تأثيرهم على الحضارات المجاورة لهم.

11. خلاصة القول: وحتى لو تم التسليم، جدلاً، بالأصل الهندي للأرقام العربية، فإن العرب هم الذين تبنَّوها، وهذَّبوها، وطوَّروها بما يناسب أقلامهم، وأحرفهم، وهم الذين أسدوها خدمة للعالم، ولا يُعرف ذلك لغيرهم. ولا يعيب العرب اقتباسها من الهنود. ومن ثم فهذه الأرقام أخذت طابعها العربي، وسايرت الحرف العربي هندسة وشكلاً طوال أربعة عشر قرناً متواصلة ملتصقة بالثقافة والتراث والهوية.

هل الصفر من ابتداع العرب والمسلمين؟

عرف العرب الصفر منذ الأزل. ويظهر ذلك من قول الرسول، إن ربكم حيىٌ كريم يستحي من عبده، إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا.

وهناك رأي يقول أن البابليين ابتدعوا الصفر، وأن علماء الحساب العرب، الذين استخدموا النظام الستيني، قد ورثوا الصفر ضمن ما ورثوه من علم الحساب البابلي، وأنهم لم يأخذوه عن الهنود، لأن العرب استعملوا الصفر في مؤلفاتهم من عام 259 هجرية (أي 873 ميلادية، بينما لم يستعمله الهنود سوى عام 256هجرية (879 ميلادية) .

ورأى آخر يقول إن العرب أخذوا الصفر عن الهنود، الذين كانوا يستعملون كلمة (سونيا) أي (الفراغ) لتدل على معنى الصفر، ثم انتقلت هذه اللفظة الهندية إلى العربية باسم الصفر.

فوائد الصفر:

على أية حال، لا شك أن علماء العرب هم الذين طوَّروا الصفر، الذي سهَّل العمليات الحسابية تسهيلاً لا حدود له. واختاروا النقطة لتعبر عنه، لأن النقطة ذات أهمية كبيرة في الكتابة العربية، ويعتبرها العرب المميز والضابط بين الحروف، فعلى سبيل المثال، إذا وُضعت النقطة فوق الحرف ب كانت نوناً، وإذا كانت أسفل كانت باء، وإذا كانت نقطتان فوقها صارت تاء، وإذا كانت النقطتان من أسفل كانت ياء، وهلم جراً. من هذا المنطق استعمل العرب النقطة لتعبِّر عن الصفر مع الأعداد، فأعطوها الوظيفة التي لها مع حروف الضبط والتمييز . وقد أبان الخوارزمي موقع الصفر في عمليات الجمع والطرح، وأشار إلى أنه يجب أن يوضع إلى يمين العدد.

ويعتبر الرياضيون أن الصفر أعظم اختراع توصلت إليه البشرية فبدون الصفر يستحيل إيجاد الكمية الموجبة، والكمية السالبة في علم الكهرباء، والموجب والسالب في علم الجبر.

ولولا الصفر، واستخدامه في الترقيم، لما فاقت الأرقام العربية غيرها من الأرقام، ولما فضلتها الأمم المختلفة على الأنظمة العددية الأخرى. ومن هذا المنطلق استعمل العرب النقطة لتعبِّر عن الصفر مع الأعداد، فأكسبوا الأعداد وظيفتها، فمثلاً الواحد إذا وضِعت نقطة عن يمينه صار عشرة، والخمسة إذا وضِعت نقطتان عن يمينها صارت خمسمائة. ولولا الصفر لما استطعنا أن نَحُلَّ كثيراً من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات بالسهولة التي نحلها بها الآن، ولما تقدمت فروع الرياضيات تقدمها المشهود، وبالتالي لما تقدمت المدنية هذا التقدم العجيب.

الأرقام عند الهنود القدامى

خامساً: الأرقام عند الهنود القدامى

أدلى الهنود بدلوهم، وأحدثوا طفرة في علم الحساب، ويذكر المؤرخون بكل تقدير واحترام اسم الرياضي الهندي (أريابهاتا) ـ أعظم الرياضيين والفلكيين الهنود ـ الذي ترك قصائد شعرية رياضية تناولت المعادلات الرياضية، وحساب المثلثات، وتقدير النسبة التقريبية (ط) في استخراج مساحة الدائرة. ففي الحساب والجبر يعطى أريابهاتا قواعد لحساب القوى، والجذور، والمتواليات العددية، ومجموع مربعات الأعداد المتوالية، ومجموع مكعباتها، وحل المعادلات التربيعية. وفي الهندسة نجد بضع قواعد لحساب المساحات والحجوم. وفي كتابه مبادئ للمثلثات.

ومن أطرف ما في كتاب أريابهاتا الطريقة التي يشرحها للترقيم. وجدير بالذكر هنا أن الهنود أخذوا الطريقة البابلية الستينية في الترقيم. ولكنهم، في أراجيزهم (أي أناشيدهم)، يذكرون الأعداد بالألفاظ. إلا أن أريابهاتا يرمز إلى الأعداد من 1 إلى 25 ثم 30، 40 إلى 100 بحروف صوتية. ويستعمل حرف الألف والياء لتمييز المنازل، فيستعمل الألف للدلالة على الآحاد والعشرات، والياء للدلالة على المئات والألوف.

كما تناول أسباب ظاهرتي الكسوف والخسوف، والفصول الأربعة، وكروية الأرض، ودورانها حول محورها كل يوم وليلة. وجاء بعده خلفه (برهما جوبتا) الذي أرسى النظام العشري للأعداد.

ويبدو أن العرب قد أخذوا الأرقام عن الهند، فإننا نرى الأرقام العربية منقوشة على صخرة تسمى "صخرة المراسيم"، التي خلَّفها الكاهن أشوكا (عام 256 ق.م)، أي قبل استخدامها في الكتابات العربية بنحو ألف عام. ومن المسائل الطريفة التي وردت في نقوش الهند القديمة ما يلي:

* هناك خلية من النحل، وقف خُمسها على زهرة كادامبا، ووقف ثُلُثُها على زهرة سلنذرة، وطار ثلاثة أمثال الفرق بين هذين العددين فوقف على زهر الكوتاجا، وبقيت نحلة واحدة تحوم في الهواء، فانبئيني أيتها الفتاة الفاتنة الجمال، كم عدد النحل كله؟

وقد عرف الهنود الأعداد التامة والمتحابة من قبل فيثاغورس. وهناك قصة من تراثهم عن أمير مجموع حروف اسمه يساوي 284، كان يبحث عن عروس مجموع حروف اسمها يساوي 220، معتقداً أن هذا هو ضمان السماء له بالسعادة معها.

وقد ظل الهنود يستخدمون نظاماً للترقيم شبيهاً بالنظام الصيني حتى عام 300 ق.م حين توصلوا إلى نظامهم العشري. والأسباب الحقيقية والكيفية، التي توصل بها الهنود إلى ذلك، يلفها الغموض. ويذهب البعض إلى أن الأرقام من 4 إلى 9 في أشكالها الأصلية، التي تعود إلى القرن الثالث ق.م، قد اشتقت من أحرف مقابلة لها في الأبجدية الهندية، وتسمى البكترياBactria " وهو اسم قديم لمنطقة في شمال الهند". أمّا الأرقام الثلاثة الأولى من 1 إلى 3، فالمرجح أنها جاءت من سحبة القلم مرة، ومرتين، ثلاث مرات، أو أنها محاكاة للأصابع. بينما يرى البعض الآخر أن الأرقام الهندية قد اشتقت من الأحرف العشرة الأولى في الأبجدية الآرامية القديمة، التي اقتبسها الهنود، مع الأبجدية، مع النظام العشري، من البابليين، وذلك في نحو عام 405 ق.م . وهذا الرأي ليس ببعيد، فقد ذكر ابن النديم (في كتاب الفهرست ـ 30) أن علماء المشرق تشتتوا بعد غزو الاسكندر لبلادهم، وذهب بعضهم إلى الهند، واستقر بها".

واخترع الهنود، في الحساب، طرقاً متنوعة فيها ابتكار وطرافة. وكان الدافع إليها التسلية والمتاع العقلي، فعرفوا المتواليات العددية، وتفننوا في المربعات السحرية. ووصلوا إلى معادلات الدرجة الثانية، وعرفوا العلاقات بين الأقطار والأضلاع في المربعات والمستطيلات، والأحجام، والمساحات.

قصة تتعلق ببراعة الهنود في الحساب:

* برع كثير من علماء الهند في الحساب، وعرف بعضهم الأعداد المتناهية في الكبر، ومن ذلك ما روته أسطورة قديمة أن الملك شرهام، ملك الهند، أراد أن يكافئ وزيره سيسيا، البارع في الحساب، لاختراعه لعبة الشطرنج، وإهدائها له، وكانت رغبة الوزير الماكر تبدو متواضعة للغاية، فقد ركع أمام الملك، وقال: "مُر لي يا مولاي بحبة قمح واحدة توضع على المربع الأول من رقعة الشطرنج، وبحبتين على المربع الثاني، وأربع حبات على المربع الثالث، وثمان على الرابع، وهكذا تُضاعف لي العدد عند كل مربع تال، حتى تغطى مربعات الرقعة الأربعة والستين".

قال الملك وهو يخفي سروره، لأنه تصور أن ما يطلبه الوزير لن يكلف خزائنه كثيراً: "لقد أوتيت سؤلك يا عبدي المخلص". ثم أمر الملك بإحضار جوال كبير من القمح، ولكن عندما أخذ في عد الحبوب، حسبما طلب الوزير، نفذ الجوال قبل عد ما يكفي للمربع العشرين، فأخذ رجاله يحضرون الأجولة، تلو الأجولة، حتى بدا واضحاً أن الملك لن يستطيع أن يفي بوعده لوزيره، حتى لو جمع محصول الهند من القمح، إذ كان يحتاج، ليفي بوعده، إلى
1 + 2 + 2 2 + 2 3... + 2 62 + 2 63 أي 18.446.744.073.709.551.615 حبة قمح!! وهذا العدد، لو أننا حسبنا متوسط محصول العالم كله من القمح، في العام، لوجدنا أن حبات القمح، التي التمسها الوزير، تعادل محصول العالم كله لمدة ألفي سنة تقريباً !!!

وقد اتصل العرب بالهند، وأخذوا عنهم الكثير، وأعجبوا بهم إعجاباً هائلاً، قال الجاحظ: "ولولا خطوط الهند لضاع من الحساب الكثير والبسيط، ولبطلت معرفة التضاعيف،... ولصار الناس في حال معجزة وحسور، وإلى حال مضيعة، وكلال حد".

وقال أيضاً: "وأمّا الهند فوجدناهم يُقدمون في النجوم والحساب، ولهم الخط الهندي خاصة، ويُقدمون في الطب، ولهم أسرار الطب وعلاج فاحش الأدواء خاصة، ولهم خرط التماثيل...، ولهم الشطرنج، وهو أشرف لعبة، وأكثرها تدبيراً وفطنة، ولهم السيوف، وهم ألعب الناس بها، وأحذقهم ضرباً بها..، ولهم السحر،... ومن عندهم خرج الفكر، وما إذا تُكلِّم به على السم لم يضر، وأصل حساب النجوم من عندهم أخذه الناس خاصة".

وقال صاعد بن أحمد: "الهند أمة كثيرة القدر، عظيمة العدد، فخمة الممالك، وقد اعترف لها بالحكمة، وأقر لها بالتبرُّز في فنون المعارف، جميع الملوك السالفة، والقرون الماضية، فكانت الهند عند جميع الأمم، على مر الدهور، معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة.. وقد ألحقوا بعلوم الأعداد صناعة الهندسة، ونالوا الحظ الأوفى في معرفة حركات النجوم، وأسرار الفلك، وسائر العلوم الرياضية.. وأشهر مذاهبهم في الرياضيات، مذهب السند هند، الذي تقلَّده جماعة من أهل الإسلام، وألفوا فيه الأزياج (أي الكتب) كمحمد بن إبراهيم الفزاري، ومحمد بن موسى الخوارزمي، والحسين بن محمد، المعروف بابن الآدمي،.. وتفسير السند هند "الدهر الداهر". ومما وصل إلينا من علومهم في العدد حساب الغبار، الذي بسطه أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي، وهو أوجز حساب، وأخصره، وأقربه تناولاً، وأسهله مأخذاً، وأبدعه تركيباً، يشهد لأهل الهند بذكاء الخواطر، وحسن التواليد، وبراعة الاختراع" .

وكتاب السند هند، هو كتاب جامع لعلم الأفلاك والنجوم والحساب، وغير ذلك من أمور العالم. وهو يتكون من 24 باباً، وقد أُلِّف في سنة 7هـ، وجاء به رجل من وفد أهل السند، الذين قدموا إلى بغداد في سنة 154هـ .

وذكر صاعد بن أحمد أنه قدم على الخليفة أبي جعفر المنصور، في سنة ست وخمسين ومائة، رجل من الهند عالم بالحساب المعروف بالسند هند في حركات النجوم، مع تعاديل معلومة على كردجات (جداول) محسوبة لنصف نصف درجة، مع ضروب من أعمال الفلك، في كتاب يحتوي على اثنى عشر باباً، وذكر أنه اختصره من كردجات منسوبة إلى ملك من ملوك الهند يسمى قبغر، فأمر المنصور بترجمته إلى اللغة العربية، وأن يُؤلَّف منه كتاب تتخذه العرب أصلاً في حركات الكواكب، فتولى ذلك محمد بن إبراهيم الفزاري، وعمل منه كتاباً يسميه المنجمون بالسند هند الكبير،… فكان أهل ذلك الزمان يعملون به إلى أيام الخليفة المأمون، فاختصره أبو جعفر بن موسى الخوارزمي، وعمل منه زيجه المشهور ببلاد الإسلام، وعدَّل فيه،.. واخترع فيه من أنواع التقريب أبواباً حسنة،.. فاستحسنه أهل ذلك الزمان، وما زال نافعاً عند أهل العناية بالتعديل إلى زماننا هذا".

وفي فصل، عنوانه "وجوه الحسابات" من كتاب "مفاتيح العلوم" تحدث أبو عبدالله الخوارزمي عن حساب الهند فقال إن قوامه تسع صور (أي تسعة أرقام من 1 إلى 9) يُكتفى بها في الدلالة على الأعداد إلى مالا نهاية له، وأسماء مراتبها أربعة، وهي الآحاد، والعشرات، والمئون، والآلاف، فالواحد يقوم مقام العشرة، ومقام مائة، ومقام ألف، ومقام عشرة آلاف، وألف ألف، ومائة ألف ألف، إلى مالا نهاية من العقود".

ويتميز الحساب الهندي بأنه يضع الأرقام، التي تُجرى فيها العمليات الحسابية، بعضها فوق بعض، ثم يجري العمليات المطلوبة. وهذه العمليات قد تُجرى على تخت (لوح)، أو على الرمل، ولذلك يسمى أحياناً حساب التخت، أو حساب "الرمل"، تمييزاً على حساب "اليد". وطريقته تيسر العمليات الحسابية كثيراً. وأقدم الكتب المؤلَّفة التي وصلتنا في الحساب الهندي، هو كتاب "الفصول في الحساب الهندي" لأحمد بن إبراهيم الاقليدس (عام 332هـ). وذكر ابن النديم في كتابه الفهرست عدداً من الكتب، التي عنوانها "حساب الهند" أُلِّفت في أواخر القرن الثالث، وأوائل الرابع، الهجريين، منها:

الشعوب القديمة، وتسجيل الأعداد

الشعوب القديمة، وتسجيل الأعداد

تتابعت البحوث الأثرية، في تاريخ تسجيل الأعداد، بحثاً في كهوف إنسان قبل التاريخ، في أوروبا وأفريقيا وآسيا. ترجع أقدم التسجيلات إلى قدماء المصريين، وقدماء السومريين والبابليين، والصينيين، أي إلى 3500 ق.م. وعند فحص هذه التسجيلات، نفاجأ بالشبه الكبير في المبادئ، التي استخدموها، ولا شك أنه كانت هناك وسائل اتصال ما بين هؤلاء القدماء، رغم بُعد المسافات، التي تفصل بينهم. ولقد طوَّروا وسائل العد عندهم، باستخدام أسهل الأساليب(*)، من الحصى، إلى الأصابع، إلى العصا ذات الحزّات، وهي علامات تمثل الأعداد إلى 9، ثم علامات أخرى للدلالة على العشرات، والمئات. ولعل عصا العد الإنجليزية ـ التي لا يُعرف أصلها تحديداً ـ ترجع إلى تلك العصور. وكانت كل حزَّة من الحزات الصغيرة تمثل جنيهاً إنجليزياً، والحزَّة الكبيرة تمثِّل 10 جنيهات، والأكبر منها تمثل 100 جنيها، وهكذا(*). ومن العجيب أن هذه العصا الإنجليزية ظلَّت تُستخدم، عدة قرون، بعد ظهور نظام العد الحديث، مما كان يثير ضيق وتبرُم عدد كبير من المثقفين الإنجليز. ومع ذلك ظلت تلك العصا تُستخدم إلى عام 1826، وقد عثر في عام 1834 على مجموعات كبيرة منها.

حريق في مجلس اللوردات والعموم

صدر الأمر من مجلس اللوردات، ومجلس العموم، بحرق مخازن العصى سراً، في فرن خاص، ملحق بمجلس اللوردات، وعندما تم الحرق، زادت النيران، وامتدت ألسنة اللهب إلى مبنيي المجلسين، فأتت عليهما، ومن ثم بدأ تشييد مبنيين جديدين، ويقول تشارلز ديكينز: "وقد أنفقنا الآن نحو مليونين تكلفة لذلك "!

آلات حاسبة قديمة:

تنوعت الأدوات القديمة، غير العصى؛ فكانت أحياناً مجرد خطوط تُرسم على الرمال، أو على لوحة للعدّ تُرسم عليها علامات بمادة تشبه الطباشير، أو إطار خشبي به أسلاك، عليها خرزات ملونة، وغير ملونة. كان السلك الأول من اليمين يمثل الآحاد، والثاني يمثل العشرات، وما يليه يمثل المئات، وهكذا. ويمكن كتابة أي عدد على هذا "العداد" باستخدام الخرزات على الأسلاك؛ فالعدد 6017 يمكن تمثيله بوضع 7 خرزات على سلك الآحاد، وخرزة واحدة على العشرات، ويُترك سلك المئات خالياً، و6 خرزات على سلك الآلاف. كما استخدم العداد في إجراء العمليات الحسابية؛ ففي حالة الجمع تُحسب الخرزات التي على كل سلك. وكلما تجمعت عشرة منها على أحد الأسلاك تُؤخذ، وتُوضع بدلاً منها خرزة واحدة على السلك الذي يليه، من جهة اليسار. وما زال بعض الصينيين واليابانيين يستخدمون نوعاً صغيراً من العداد في جميع معاملاتهم التجارية، وهم يجرون به العمليات العددية المختلفة بسرعة كبيرة، وسهولة تامة.

الحساب ونشأته:

وثمة صعوبة كبيرة في تتبع بداية علم الحساب، وتطوره، وليس، بين ثنايا التاريخ، سجل واضح محدَّد يهدينا لبداية علم الحساب، ونشأته، وتطوره، أو يقدم لنا أسماء معينة، كان لها الفضل في اختراعه. وكل ما في الأمر، أن أقدم سجلات التاريخ كشفت لنا عن نظم عددية معينة، ولكنها لم تحدد مراحل تطورها، أو تكشف لنا عن أصل كلٍ منها؛ أي أننا، إذا تصفَّحنا قصة الأعداد، وقسَّمناها إلى أجزاء، فإننا لا نجد شخصاً معيناً، في يوم معلوم، ومكان معلوم، قد اخترع أداة التفكير العددي، التي نستخدمها الآن.

تحدثنا صفحات التاريخ عن نظم عددية مختلفة، ارتبط كلٌ منها بحضارة من الحضارات القديمة، إلا أن كلاً من هذه الحضارات كانت تضع لبنة، أو لبنات في بناء هيكل علم الحساب، إلى أن تميَّز النظام العددي، الذي ساد العالم المتحضر، بل أصبح لغة عالمية واحدة، لم تصل اللغات بعد إلى ما يشبهها.

كان للشعوب البدائية عدة طرق لتسجيل الأعداد القليلة التي يحتاجونها. كان بإمكان الراعي أن يجمع عدد الخراف في القطيع بحيث تمثل الحصاة الواحدة خروفاً واحداً. وكان الكيس من الحصى يعني كامل القطيع. وبمقارنة الحصى مع القطيع، يتمكن الراعي من معرفة إن كان أحد الخراف مفقوداً. ويطلق علماء الرياضيات على هذا النوع من المقارنة علاقة واحد إلى واحد.

وفيما بعد طور الناس طرقاً أخرى لتسجيل أعداد الأشياء التي يمتلكونها، فقاموا بربط عقد في حبل جلدي أو قاموا بخدش علامة تسجيل على جانب صخرة، ومن ثم قاموا بمقارنة العقد أو العلامات مع كل شيء على حدة. ثم لجأ الناس إلى استخدام الكلمات للتعبير عن شيئين، وللتعبير عن أربعة أشياء استخدموا اسم فاكهة تنمو في عنقود من أربع ثمرات. واستخدموا كلمة يد للتعبير عن 5 أشياء. وقد ظهرت هذه العلاقة بين الأعداد والأسماء في لغات بدائية عديدة حيث أثبتت بداية تفكير الناس في الأعداد. لقد ميزوا فكرة الثلاثية لمجموعة تحتوي على ثلاثة أشياء سواءً كانت هذه الأشياء سمكاً أو حصى أو علامات تسجيل.

وأخيراً، شرع الناس في العد عن طريق وضع الأسماء الممثلة للأرقام في ترتيب معين، فنطقوا أو كتبوا الكلمة التي تعني واحداً ثم الكلمة التي تعني اثنين، ثم الكلمة التي تعني ثلاثة، وهكذا.

ومع مرور الوقت، طورت الشعوب في أنحاء مختلفة من العالم أنواعاً عديدة من أنظمة العد، بعضها اعتمد على الخمسة كأساس، وبعضها على العشرة، بل إن بعضها اعتمد كأساس على الاثني عشر أو الستين. وما زلنا إلى يومنا هذا نستخدم بعض هذه القياسات المأخوذة من هذه الأنظمة مثل الـ 12 بوصة في القدم، والـ 60 دقيقة في الساعة.

وفي معظم أنظمة الترقيم القديمة، كان الناس يصيغون الأعداد بمجرد تكرار الرموز الأساسية، وإضافة قيمها ليحصلوا على العدد المطلوب. وقد اتبع المصريون والإغريق والرومانيون أنظمة عدّ من هذا القبيل. أمّا العرب فقد اتبعوا نظاماً للترقيم متفوقاً على سائر الأنظمة الأخرى، وهذا النظام اعتمد على مبدأ قيمة الخانة واستخدموا رمزاً يعني لا شيء أو الصفر. وأصبح هذا النظام نظام العد العشري المتبع في معظم أنحاء العالم.

استخدام نظام الأعداد

استخدام نظام الأعداد

لنفترض أنه طُلب منا حل مسألة الجمع: 4+ 4 + 4 + 4= ؟. لو استخدمنا النظام ذا الأساس 10، لكان الجواب 16، كما يتضح من المجموعات التالية من النقاط.

+ + + =

4 + 4 + 4 + 4 = 16

آحاد آحاد آحاد آحاد مجموعة واحدة من 10 زائد 6 آحاد

وبالمقابل فإن استخدام الأساس 16 يعطي 4 + 4 + 4 + 4 =(10)16

+ + + =

4 4 4 4 (10) 16

آحاد آحاد آحاد آحاد مجموعة واحدة من 16

تختلف الأعداد في كل من الإجابتين، ولكن عدد النقاط لا يتغير. وتتكون الأعداد طبقاً لمبدئي التجميع وقيم الخانات، وكذلك الحال مع الطرح والضرب والقسمة، والتي يمكن دراستها عن طريق حل مسائل باستخدام أنظمة أعداد متعددة للترقيم، وبالتالي اكتساب فهم أعمق لاستخدامات الأعداد في الحساب.

الحساب العشري. يطلق مسمى الحقائق الحسابية على جمل مثل 4 + 5 = 9 ، 9 - 4 = 5، 9×5 = 45، 45÷9 = 5. وتستخدم كثير من هذه الحقائق في الجمع والطرح والضرب والقسمة.

الجمع العشري هو طريقة لضم مجموعتين أو أكثر من مجموعة واحدة فقط. ونستخدم مبدأ قيمة الخانة لجمع الآحاد مع الآحاد، والعشرات، وهكذا، كما يتضح من المثال التالي:


24
+ 12
36 4 آحاد + 2 عشرات
2 آحاد + 1 عشرات
6 آحاد + 3 عشرات

في هذا المثال استخدمنا حقيقة الجمع 4+2= 6 وحقيقة 2+1= 3 (يعني 2 من العشرات + 1عشرة = 3عشرات أو 30)؛ إذاً فالمجموع هو 3 عشرات زائداً 6 آحاد يعني 36. وفي بعض المسائل، يكون المجموع في خانة أو أكثر مساوياً لعشرة أو أكثر، وعندئذ يجب إعادة توزيع المجموعة، فلا نضع في حاصل الجمع، في خانة الآحاد، إلا ما يقل عن العشرة، ونأخذ الزائد كل عشرة بواحد، يضاف إلى خانة العشرات. وهذا ما يسمى في الجمع بعملية الحمل.

وتبين المسألة التالية كيفية إعداد التجميع في الجمع العشري.


1


48
+ 25
73 8 آحاد + 4 عشرات
5 آحاد + 2 عشرات
13 آحاد + 6 عشرات
أو بعد إعادة التجميع
3 آحاد + 7 عشرات

في هذه المسألة تجمع الآحاد إلى 13، ونستخلص منها عشرة واحدة زائد 3 آحاد. ومن ثم نكتب 3 في خانة الآحاد و 1 ذا حجم صغير في خانة العشرات فوق ال4، ثم نجمع العشرات: 1+4+2= 7عشرات أو 70. ويكون المجموع هو 70+3 أو 73.

الطرح العشري. هو طريقة معاكسة للجمع، وتتبع مبادئ الجمع العشري نفسها.


65
_ 23
42 5 آحاد + 6 عشرات
3 آحاد + 2 عشرات
2 آحاد + 4 عشرات

في هذا المثال استخدمنا الحقيقة 5-3= 2، والحقيقة 6-2= 4 (تعني 6 عشرات - 2عشرات= 4 عشرات). ولطرح عدد كبير من عدد أصغر في أية خانة، يجب أن نعيد التجميع ويطلق أحياناً على إعادة التجميع في الطرح مسمى الاستلاف. بمعنى أن نأخذ واحد من خانة العشرات، ونضيفه بقيمة عشرة إلى العدد في خانة الآحاد. ويوضح المثال التالي كيفية إعادة التجميع في الطرح العشري.


13 67
- 25
48 13 آحاد + 6 عشرات
5 آحاد + 2 عشرات
8 آحاد + 4 عشرات

في خانة الآحاد يجب طرح 5 من 3، وهو الأصغر، لذا نأخذ واحداً من الـ 7، وقيمته عشرة، فيكون العدد كأنه 6عشرات زائداً 13 من الآحاد ونوضح ذلك بكتابة 1 ذي حجم صغير مقابل الـ 3. وشطب الـ 7 وكتابة 6 ذات حجم صغير أعلاها. استخدم الطرح 13 - 5= 8 لتطرح الآحاد، و 6 - 2= 4 لطرح العشرات.

الضرب العشري هو طريقة لضم المجموعات المتساوية إلى بعضها البعض. وتعني حقيقة الضرب 4 × 6= 24 أن 4 مجموعات ذات ستة أشياء تضم ما مجموعه 24 شيئاً. وإليك طريقة استخدام قيمة الخانة لضرب 23 في 3:


23
× 3
69 3 آحاد + 2عشرات
3 آحاد
9 آحاد + 6عشرات

ابتداءاً احسب: 3×3 آحاد= 9 آحاد،

و 3×2 عشرات= 6عشرات، أو 60

ثم اجمع 60+9= 69.

في الضرب نعيد التجميع عندما يكون حاصل الضرب في أية خانة مساوياً 10 أو أكثر.


49
× 2
98 9 آحاد + 4عشرات
2 آحاد
18 آحاد + 8عشرات
أو بعد إعادة التجميع
8 آحاد + 9عشرات

في هذه المسألة، حاصل ضرب 2×9 هو 18، والذي يمكن إعادة تجميعه إلى 1عشرة واحدة زائداً 8 آحاد، ولذا نكتب 8 في خانة الآحاد ونكتب 1 ذا حجم صغير في خانة العشرات فوق الـ 4، ثم نضرب 2×4= 8 في خانة العشرات ثم نضيف الـ 1 لنحصل على 9.

وعندما يكون للمضروب فيه أكثر من رقم واحد، نكرر العملية لكل رقم ثم نضيف حاصل الضرب:


24
× 12
48
+ 24
288 4 آحاد + 2عشرات
2 آحاد + 1عشرات
8 آحاد + 4عشرات
4 عشرات + 2مئات
8 آحاد + 8عشرات + 2مئات

اضرب أولاً 24 في 2 تكون 8 في خانة الآحاد، 4 في خانة العشرات، ثم اضرب 24 في 1 عشرة واكتب 4 في خانة العشرات، 2 في خانة المئات. ثم أضف النواتج لتحصل على 288.

القسمة العشرية. هي طريقة معاكسة للضرب. وتعمل على تجزئة مجموعة واحدة إلى عدة مجموعات من الحجم نفسه. وفيما يلي طريقة قسمة 69 على 3:

23 3آحاد + 2عشرات
693 9 آحاد + 6عشرات3آحاد

6 6عشرات
09 9 آحاد

9 9 آحاد

احسب أولاً: "6عشرات ÷ 3= 2عشرات". اكتب في خانة العشرات فوق الـ 6. ثم احسب: 9آحاد ÷ 3= 3آحاد. اكتب 3 في خانة الآحاد فوق الـ 9. إذا 69 ÷ 3= 2عشرات + 3آحاد أو 23.

وكذلك يجعل مبدأ قيمة الخانة من قسمة الأعداد الكبيرة أمراً سهلاً.

82
1642

16
004
4

احسب أولاً: "16عشرة ÷ 2= 8 عشرات". اكتب 8 في خانة العشرات فوق الـ 6. ثم احسب 4آحاد ÷ 2= 2آحاد. اكتب في خانة الآحاد فوق الـ 4. إذا 164 ÷ 2= 8عشرات + 2آحاد أو 82.

الحساب الثنائي. له عدد محدود من الحقائق لأنه يستخدم رقمين فقط هما 0 و1.

الجمع الثنائي يعتمد على الحقائق التالية فقط:

0+0= 0، 0+1= 1، 1+0= 1، 1+1= 10

وفيما يلي طريقة استخدام هذه الحقائق لجمع 11+11:
الجمع الثنائي المعنى الجمع العشري
11
+ 11
110 1آحاد + 1 اثنين
1آحاد + 1 اثنين
10آحاد + 10اثنين
أو بعد إعادة التجميع
0آحاد +1اثنين + 1أربعات 3
+ 3
6

أولاً نستخدم الجمع 1+1= 10 (يعني 1 اثنين) لجميع الآحاد. أعد تجميع 10 اثنين إلى 1 اثنين. اكتب. في خانة الآحاد 1 ذا حجم صغير فوق عمود الاثنينات: ثم اجمع الاثنينات: 1+1= 10؛ 10+1= 11. اكتب 1في خانة الاثنينات، 1في خانة الأربعات. وبالتالي: 11اثنين+11اثنين= 110اثنين.

الطرح الثنائي. وأساسه أربع حقائق.

0-0= 0، 1-0= 1، 1-1= 0، 10-1= 1

وباستخدام هذه الحقائق اطرح 11 من 110
الطرح الثنائي المعنى الطرح العشري
110
- 11
11 10آحاد + 10اثنينات + 0أربعات
1آحاد + 1 اثنين
1آحاد + 1اثنين 6
- 3
3

في خانة الآحاد علينا طرح 1 من 0 لذا نعيد تجميع 1 أربعة زائد 10أحاد، ثم نستخدم 10-1=1 لطرح الآحاد. ولطرح الاثنينات، علينا مرة أخرى طرح 1 من 0 لأن إعادة التجميع السابق ترك في خانة الاثنينات. أعد تجميع 1أربعة زائد 10 اثنينات واستخدم 10-1= 1.

الضرب الثنائي يستخدم الحقائق التالية:

0×0= 0، 0×1= 0، 1×0= 0، 1×1= 1

حاصل ضرب أي رقمين يساوي دائماً 0 أو 1، لكن علينا إعادة التجميع عندما نضيف نتائج الضرب لإكمال أي مسألة ضرب. وكمثال إليك طريقة ضرب 11×11:
الضرب الثنائي المعنى الضرب العشري
11
×11
11

11
1001
1آحاد + 1لثنين
1آحاد + 1اثنين
1آحاد + 1اثنين

1اثنين + 1أربعات
1آحاد + 10اثنينات + 1أربعة
أو بعد إعادة التجميع
1آحاد + 0اثنينات + 0أربعات + 1ثمانية
3
× 3
9

اضرب واكتب حاصل الضرب كما تفعل في النظام العشري، مستخدماً حقائق الضرب الثنائي عند إضافة نتائج الضرب الجزئية. لنزل ال 1 في خانة الآحاد. أضف الاثنينات: 1+1= 10. أعد تجميع 10اثنينات إلى 1أربعة. اكتب في خانة الاثنينات وأضف 1 إلى 1 في خانة الأربعات: 1+1= 10. اكتب في خانة الأربعات و1 في خانة الثمانينات لتحصل على 1001.

النشأة الأولى للأرقام في العالم

النشأة الأولى للأرقام في العالم

وقبل الكلام عن غريزة العد في المخلوقات يجدر بالبحث أن يقدِّم تعريفاً للعد، والعدد، والأرقام، والحساب؛ فأمَّا العدُّ: فهو إحصاء الشيء.

وأما العدد: فهو مقدار ما يُعدُّ ومبلغه، وجمعه أعداد.

ومنه العدائد: وهو المال المقتسم والميراث، وهي جمع عديدة: وهي الحصة.

وأما الرقم: فهو الكتابة والختم.

والترقيم: هو تقييد الأعداد.

وأما الحساب: فقد عرَّفه عبدالرحمن بن خلدون، في مقدمته، بقوله:

"هو صناعة عملية في حساب الأعداد بالضم والتفريق، والضم يكون في الأعداد بالأفراد وهو الجمع، وبالتضعيف، تضاعف عدداً بآحاد عدد آخر، وهذا هو الضرب، والتفريق أيضاً يكون في الأعداد، أما بالأفراد مثل إزالة عدد من عدد ومعرفة الباقي، وهو الطرح، أو تفضيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتها محصلة، وهو القسمة، سواء كان في هذا الضم والتفريق على التصحيح من العدد أو التكسير".

والحساب أساس جميع الفروع الرياضية، سواء كانت بحتة أو تطبيقية، وهو أكثر العلوم نفعاً، وربما لا يوجد فرع آخر، في المعرفة الإنسانية، أكثر انتشاراً بين الناس مثله. وموضوعه العدد، والعدد إما مفرد وإما مركب:

فالمفرد: ما وقع في مرتبة واحدة كالواحد، والإثنين، والعشرة والتسعين.

والمركب: ما وقع في مرتبتين أو أكثر، كأحد عشر، وكمائة وثلاثة وثلاثين.

والعدد أيضاً إما زوج، وإما فرد:

فالزوج وهو أنواع:

1. زوج الزوج: وهو العدد الذي ينقسم إلى قسمين متساويين، وهو ما يقبل التنصيف إلى الواحد، مثل:

8 و 16 و 32

2. وزوج الفرد: وهو ما يتنصف مرة واحدة فقط، مثل:

6 و 10 و 30

3. وزوج الزوج والفرد: وهو يتنصف أكثر من مرة واحدة دون أن يصل التنصيف إلى الواحد، مثل:

12 و 20

وأما الفرد فهو:

أي عدد لا يمكن تقسيمه إلى نصفين، بحيث يكون كل منهما عدداً صحيحاً، مثل 1، 3، 7، 11

وهو غير العدد الأولي: الذي هو عدد كامل لا يقبل القسمة، دون باق، على أي عدد آخر، خلاف الواحد الصحيح، وذلك مثل:

3، 5، 7، 11، 13، 17، 19، 43، وهكذا.

عوامل العدد: هي الأرقام التي يقبل العدد القسمة عليها، فمثلاً: 1، 2، 3، 4، 6 هي عوامل العدد 12، لأنه يقبل القسمة عليها كلها.

والأعداد، بشكل عام، أنواع: تامة، وزائدة، وناقصة، ومتحابة.

أولاً: الأعداد التامة:

كل عدد يتساوى مجموع عوامله مع العدد نفسه، يسمى تاماً، وأصغر الأعداد التامة 6، فعواملها 1، 2، 3 مجموعها 6، يلي ذلك 28، وعوامله 1، 2، 4، 7، 14، مجموعها 28، ومن الأعداد التامة 496، و 8128، و 33550336 ولا يوجد في الآحاد سوى 6، وفي العشرات سوى 28، وفي المئات سوى 496، وفي الآلاف سوى 8128. وهي دائماً تبدأ إما بالرقم 6 أو 8 في آحادها. وهي دائماً أعداد زوجية. وجميع الأعداد التامة 17 عدداً فقط.

أما الأعداد الزائدة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أكبر منه، مثل العدد 12، الذي مجموع عوامله (1، 2، 3، 4، 6) 16 أكبر منه.

وأما الأعداد الناقصة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أصغر من العدد نفسه، مثل العدد 10، فإن مجموع عوامله (1، 2، 5) 8 أقل منه.

وأما الأعداد المتحابة:

وهي كل عددين مزدوجين، أحدهما ناقص، والثاني زائد، إذا كان مجموع عوامل كل منهما مساوياً للآخر، مثل العددين 220، وهو عدد زائد، و 284 وهو عدد ناقص.

(لاحظ أن:

عوامل العدد 220 هي 1 + 2 + 4 + 5 + 10 + 11 + 20 + 22 + 44 + 55 + 110 = 284

وأن عوامل العدد 284 هي 1 + 2 + 4 + 71 + 142 = 220

بالإضافة إلى ذلك هناك العدد التخيلي، والعدد الذري، والعدد الكتلي، والعدد الماخي، والعدد المركب، وبيانها كالتالي:

العدد التخيلي imaginary number

ظهر نتيجة البحث عن حلول للمعادلة س2 = -1، حيث لا يوجد جذر للأعداد السالبة، وفي الرياضيات القديمة اُعتقد أن هذه المعادلة ليس لها حلاً، حتى عام 1777 حين قام العالم السويسري ليونارد إيلر بتعريف الرمز الحديث ت وقيمتهويسمى العدد التخيلي، وهو يظهر كثيراً في الجبر (جبر المتجهات)، ويدل على أن المقياس (الإحداثي) الذي يمثله يتعامد على المركبة الأفقية (أي يصنع معها زاوية مقدارها 90 ْ).

العدد الذري atomic number

عدد البروتونات الموجودة في نواة الذرة، وهو العدد الذي يمثل العنصر في الجدول الدوري للعناصر، فمثلاً العدد الذري للأكسجين8، وهذا يعني أن ذرة الأكسجين تحتوي على ثمانية بروتونات في نواتها.

العدد الكتلي mass number

هو مجموع عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في نواة الذرة، ويمكن وجود عدد كتلي أو أكثر حسب نظير العنصر (نظير العنصر: يوجد العدد نفسه من البروتونات ولكن يختلف عدد النيوترونات وبالتالي يختلف المجموع وهو العدد الكتلي)

العدد الماخي mach number

النسبة بين سرعة أية طائرة أو قذيفة وبين سرعة الصوت. ومن ثم فإن العدد الماخي 2 يعني ضعف سرعة الصوت، والعدد الماخي 0.75 يعني ثلاثة أرباع سرعة الصوت. ويختلف العدد الماخي لأية سرعة محددة باختلاف الارتفاع والفصل من السنة، وموقع الطيران.

العدد المركب complex number

عدد يتكون من جزء حقيقي وآخر تخيلي. وعلى سبيل المثال فالعدد أ + ب ت(ت=) يمثل عدد مركباً. وتستخدم مثل هذه الأعداد لتحليل البعض الآخر منها، فضلاً عن استخدامها في نظرية التيارات الكهربائية المترددة.

هناك أيضاً الأعداد الصماء: وهي الأعداد التي لا يمكن التعبير عنها بعدد كامل، أو كسر من عدد كالجذر التربيعي.

كيف نشأت الحاجة إلى العد

عاش الإنسان القديم تحيط به ظواهر الطبيعة من كل جانب. وكان هناك الكثير من الظواهر التي تشده إليها، وتدفعه إلى التأمل والتفكير. فحينما يتجه إلى السماء ليلاً يجد النجوم المتلالأة، وإذا اتجه ببصره إلى الأرض، نهاراً، وجد الأشجار الباسقة، وما يحيط به من إنسان وحيوان. وكل هذه، وغيرها، دفعته إلى المقارنة بين هذه الكميات، وإلى أن يحصي عددها، أو يدرك مقدارها، هل هي كثيرة؟ أو كثيرة جداً؟ أو قليلة جداً؟ وهذا في الواقع هو بداية التفكير في العد والأعداد.

تطور طرق العد

تشير الدلائل إلى أن فكرة الإنسان الأول عن الكميات لم تكن واضحة تمام الوضوح؛ فكان ينظر إلى الأشياء التي يراها، باعتبارها وحدة واحدة؛ فإذا كانت مجموعة من الحيوان مثلاً، نظر إليها على أنها وحدة واحدة، وليست أفراداً. ولعل أول طريقة عبر بها القدماء عن الكمية كانت باستخدام الإشارة بالأيدي للدلالة على مقدار الكمية؛ فهي كثيرة جداً، أو كثيرة، أو قليلة، أو قليلة جداً، وكان في كل حالة يفتح الذراعين بقدر معلوم للدلالة على تلك الكمية كوحدة، وهذا يشبه معاملة الأطفال الصغار عندما يعبرون عن الشيء الكثير قبل أن تكون لديهم فكرة عن معنى الأعداد، وأسمائها، وعن النظام العدي، أي أن فكرة الإنسان البدائي عن الكميات كانت فكرة تقريبية، وليست فكرة مضبوطة تماماً. كما أنه لم يستخدم كلمات أو رموزاً للتعبير عن الكمية.

وأتت، بعد ذلك، مرحلة استخدم فيها الإنسان الأشياء، وأوصافها للتعبير عن الكميات. ولم يكن الراعي ليدرك مثلاً أنه يملك خمسة رؤوس من الأغنام، وإنما استخدم الكلمات لمعرفة كميتها، بقوله:
إن عنده واحدة لونها أبيض، وواحدة لونها بني، وواحدة ذات قرون طويلة، وما يشبه ذلك، أي أنه يعرفها فرداً فرداً، بقدر ما تسمح به ذاكرته، وبقدر عدد القطيع، حتى إذا بلغ مقداراً لا تعيه ذاكرته، أو التبست عليه الألوان، أو تعددت الأنواع، وأصبح لديه من كل نوع، أو لون، كمية معينة، شعر بعجز تلك الطريقة، وبدأ يفكر في طريقة أخرى أكثر دقة في العد .

وكانت المرحلة الثانية، هي مرحلة المطابقة بين الشيء ونظيره، أو "واحد لواحد"، كما ذكر البحث من قبل، وتتلخص هذه الطريقة في المقارنة بين الشيء وما يناظره. وكانت تلك النظائر في أول الأمر أشياء بسيطة سهلة، يراها الإنسان، ويحس بها، أو مجموعات معروفة له، كأصابع اليدين، وأجنحة الطير أو مخالبها، وأذني الإنسان، وما شابه ذلك. ومن أمثلة هذا أن يقول رجل لآخر: "قتلت اليوم من الذئاب قدر ما للنعامة من أظلاف" أو "إن عنده من النساء قدر ما عند الإنسان من آذان". وفكرة مقارنة الأشياء بمجموعات معروفة، مثل: الأنف، والأذنين، وأوراق نبات البرسيم، وأظلاف النعام، وأصابع اليد، تقابل اليوم 1، 2، 3، 4، 5، على الترتيب.

ولا ريب أن فكرة التجميع قد سهلت على الإنسان البدائي عملية التفكير في مجموعات تمثِّل المقادير، ولكن هذه المجموعات كانت صغيرة، ولا تصلح للكميات الكبيرة، وهذا ولَّد لدى الإنسان الشعور بالحاجة إلى اختراع طريقة أخرى من طرق المطابقة، وكانت تلك هي طريقة استخدام الحصى، فعدد أفراد القطيع، أو السهام، أو الأشجار، التي يملكها، أو كمية الطير التي اصطادها، يمكن أن يعرف مقدارها عن طريق مطابقتها مع كمية معينة من الحصى. وما زال أفراد بعض القبائل الهندية، في ولاية أريزونا يحمل كيساً به مجموعة من الحصى تطابق كمية ما عنده من الخيل. وقد استخدم بعض الأقدمين بدلاً من المطابقة بالحصى نوعاً من الأحجار المستطيلة على هيئة عصى يحفرون عليها علامات. وكل علامة تقابل فرداً مما يملكون، بحيث يدل مقدار الحفرات، أو الحزَّات على عدد هذا الشيء. ولكن البعض تخلص من الجهد اللازم للحفر على الحجر؛ فاستخدام فروعاً من الأشجار يسجل عليها علاماته بعمل حزات بآلة حادة لتمثل الكميات، التي لديه. ولجأ آخرون إلى استخدام ألياف الأشجار، وعمل عُقد عليها بقدر الكمية الموجودة. ولا شك أن طريقة المقارنة جعلت الإنسان يشعر بشيء من الثقة في معرفة كمية ما عنده من أشياء، عند مقارنتها بالعلامات أو بالحصى.

كما أن هذه الطريقة أعطت فكرة "التساوي" عندما تتم المطابقة، وفكرة "أقل" أو "أكثر" في حالتي عدم المطابقة، وهي، على أي حال، كانت خطوة نحو الأمام في تطور التفكير البشري، إلا أن هذه الطريقة ظلت قاصرة عن أن تدل الرجل البدائي على عدد ما عنده، أو تعطيه اسماً، أو عدداً، يبين المقدار الذي يريده، ليسجل الاسم أو العدد بسهولة، وبساطة، بدلاً من الحصى الذي يحمله، أو الأحجار، وفروع الأشجار التي يحفر عليها.

غريزة العد عند الإنسان والحيوان

غريزة العد عند الإنسان والحيوان



أودع الله ـ عز وجل ـ الإنسان غرائز شتى، من بينها غريزة العد. ولكن هل أودعها الله غير الإنسان من المخلوقات الأخرى؟

يبدو أن بعض المخلوقات تتميز بغريزة العد، إلى درجة محدودة. وهذا ما يقول به كثير من العلماء المعاصرين، ممن يعنون بدراسات سلوك الحيوان والطيور وقد ذكر هؤلاء العلماء أدلة كثيرة بناء على عدة تجارب أجريت على عينات من الطيور والحشرات.

يتميز كثير من الطيور بغريزة العد، وقد عمد بعض العلماء إلى تجربة تثبت ذلك، وتم تكرار التجربة عدة مرات، وخلصوا في النهاية إلى القول بأنه يمكنك أن تقصد عشا لأحد الطيور، به أربع بيضات، وتأخذ واحدة منها، وسترى أن الطائر لا يدرك ذلك، أما إذا أخذت بيضتين، فستلاحظ أن الطائر ينتبه لذلك، ويهاجر تاركاً المكان. والطائر يستطيع بطريقة ما، لا نملك لها تفسيراً، أن يميز بين اثنين وثلاثة.

صيد الغراب:

ثمة قصة تبين غريزة العد لدى الطيور، مؤداها، أن أحد الأشراف أراد أن يصطاد غراباً، بنى عشه في برج ساعة القصر. وحاول ذلك الرجل أن يفاجأ الغراب، ولكن دون جدوى، فكلما اقترب الرجل من البرج، يترك الغراب عشه إلى شجرة بعيدة، حيث ينتظر، ويراقب خروج الرجل من البرج ليعود مرة أخرى إلى عشه. وذات يوم لجأ الرجل إلى خدعة، هي، أن أدخل البرج رجلين، وظل أحدهما داخل البرج ليصطاد الغراب، وخرج الآخر، وذهب بعيداً عن البرج، ولكن الغراب لم يُخدع بهذه الحيلة، فظل بعيداً إلى أن خرج الرجل الذي كان داخل البرج. وتكررت هذه التجربة في الأيام التالية باستخدام رجلين، ثم ثلاثة ثم أربعة، ولكن دون نجاح. وأخيراً أرسل خمسة رجال، دخل جميعهم البرج، وبقي أحدهم فيه، بينما خرج الأربعة الآخرون. وهنا فقد الطائر إحساسه بالعدّ، ولم يستطع أن يميز بين أربعة وخمسة، فعاد مباشرة إلى العش، وتم اصطياده.

الحشرات والعد:

وليست هذه الغريزة العددية قاصرة على الطيور، فإذا راقبنا سلوك حشرة الزنبور، وجدنا الأم تضع بيضها في خلايا، كل بيضة في خلية مستقلة، وتعمد إلى تزويد كل خلية بعدد من اليرقات الحية لكي يتغذى عليها الصغير حين تفقس البيضة، ويخرج منها. ومن العجيب أن نلاحظ تساوي عدد اليرقات في كل خلية، فبعض أنواع الزنابير تضع في كل خلية خمس يرقات، وبعضها يضع اثنتي عشرة يرقة في كل خلية، وبعضها الآخر يضع أربع وعشرين يرقة، في كل خلية.

وثمة حشرة أخرى، تعرف باسم جينوس إيومينوس Genus Eumenus، تتميز بأن الذكر فيها أصغر حجماً بكثير من الأنثى. وبطريقة ما، تعرف الأم إذا كانت البيضة ستفقس، ويخرج منها ذكر أو أنثى؛ فتنظم كمية الغذاء اللازم تبعاً لذلك؛ فإذا كانت البيضة ستفقس ويخرج منها ذكر، فإنها تعد لها خمس يرقات، وأما إذا كانت البيضة ستفقس، ويخرج منها أنثى؛ فإنها تعد لها عشراً.

ويبدو أن ملكة إدراك العدد، وإن كانت محدودة، قد تكون مقصورة، بصورة أو بأخرى، على بعض أنواع معينة من الحشرات والطيور. وأنها تكاد تنعدم تماماً بين الحيوانات؛ فقد فشلت الملاحظات والتجارب التي أجريت على الكلاب والخيول، وغيرها من الحيوانات الأليفة الأخرى، في الكشف عن أي إحساس عددي لديها .

ويبدو أن النحل هو أكثر المخلوقات، باستثناء الإنسان، تمييزاً للعدد، أو تقديراً للمسافات. فالنحلة الشغالة التي تكتشف بستاناً مليئاً بالزهور، ويبعد عن الخلية بما لا يتجاوز خمسين متراً، تأتي تلك النحلة، وتقف على أحد الأقراص الشمعية، وتقوم برقصات دائرية يميناً وشمالاً، ويراقبها باقي النحل، ثم يتجه الجميع مسرعين إلى مكان الرحيق. والشغالات يذهبن إلى المكان، وقد عرفنه جميعاً، دون أن يتبعن النحلة الأولى. أما إذا كان مكان الرحيق أكثر من خمسين متراً، تستخدم النحلة رقصات، يتناقص عددها كلما بعدت المسافة، فهي سبع لفات، عندما تكون المسافة 200 متر، وهي 4.5 إذا كانت المسافة كيلومتراً واحداً، وهي لفتان، إذا كانت المسافة ستة كيلومترات .

الغريزة العددية عند الإنسان:

إن الإحساس العددي عند الإنسان محدود كذلك؛ ففي المواقف العملية، عندما يُطلب من إنسان ما، تحديد عدد أشياء توضع أمامه، فإنه يلجأ بطريقة لا شعورية إلى إحساسه العددي المباشر؛ ليجري عملية التجميع. وقد أثبتت كثير من التجارب أن الإحساس العددي، باستخدام البصر المباشر، نادراً ما يتعدى أربعة، وباستخدام حاسة اللمس أقل من ذلك.

والإحساس بالعدد عند الإنسان يظهر مثلاً عندما يلاحظ الإنسان اختفاء شيء مميز، أو نقص شيء ما، فإذا دخل حجرة بها أناس، سبق له أن رآهم منذ قليل، عرف أن عدد الأفراد بها قد نقص، لأن أحد الوجوه المألوفة غير موجود. وإذا دخل الإنسان صالة عرض (سينما) ونظر إلى مجموعتي المقاعد في الصالة، يمكنه أن يتأكد، بدون عد، إذا ما كانت المجموعتان متساويتين أو لا، وأيهما أكبر من الأخرى.

هذه الحاسة تسمى في علم الرياضيات "الشيء ونظيره" أو "واحد لواحد"، وهي تُبنى، أساساً، على مبدأ التمايز والمقابلة الذي لعب دوراً بارزاً في ظهور فكرة العدد، وصياغته، ولبيان ذلك:

تعوَّد الرعاة القدماء تجميع كمية من الحصى، لدى خروج القطيع إلى المرعى، وكلما خرج فرد من القطيع ـ وهم بالطبع لا يعرفون العدد ـ وضعوا حصاة بدلاً منه، في مكان معين، ولدى عودة القطيع في المساء، كانت تجرى عملية المقابلة، واحد لواحد، ومن ثم يتم التأكد من عودة أفراد القطيع جميعاً، دون نقص في عدد أفراده.

وكانت هذه الحاسة هي النواة، التي انبثق منها، مفهوم العدد.

والعلماء متفقون أن الإنسان، في غابر الأزمان، كان لا يعرف الأعداد الحسابية. وكل ما كان يعرفه هو تقدير الكمية بقليل أو كثير؛ فقد كان لا يعرف الفرق بين ثلاثين، أو ثلاثة وأربعين، أو واحد وعشرين ... إلخ. وغاية الأعداد التي كان يعرفها هي: واحد، واثنان، ثم كثير. ولا زال لفظ الثلاثة في كل من اللاتينية (Tres)، والفرنسية (Tre's)، والإنجليزية (Thrice)، يفيد معنى ثلاثة وكثير في الوقت نفسه.

واحد اثنان فقط

أثبتت الدراسات الأنتروبولوجية، التي أُجريت على الأقوام، الذين يعيشون في مناطق نائية، من بين كثير من القبائل في استراليا، وجزر المحيط الهندي، وأمريكا الجنوبية، وأفريقيا، وهم أشبه بالبدائيين، لم يصلوا بعد إلى مرحلة العد على الأصابع، أنه يكاد ينعدم لديهم التميز العددي. ويقول أحد العلماء، بعد دراسات طويلة، أجراها على الاستراليين البدائيين، أنه لا يوجد، بين الأهالي، من يستطيع تمييز أربعة أشياء، إلا القليل منهم، وأنه لا يوجد استرالي بدائي واحد يستطيع أن يدرك "سبعة" كما أن قبائل الأقزام، في جنوب أفريقيا، ليس لديها كلمات تدل على الأعداد، بعد واحد واثنين!، وإنما هم يطلقون على أي عدد، يزيد عن اثنين، لفظه كثير!

ولو سألت أحد أفراد قبائل الهوتونتوت، في أفريقيا ـ كما ذكر الرحالة الذين تجولوا في أنحاء القارة الأفريقية ـ كم له من الأولاد، أو كم عدداً قتل، وكان العدد يزيد عن ثلاثة، لكان جوابه. كثير !

ومن الحكايات الطريفة في هذا الشأن أن نبيلين من المجر تراهنا فيما بينهما رهاناً، يفوز به من يتفوق على صاحبه في ذكر أكبر عدد ممكن. قال أحدهما لصاحبه:

ابدأ أنت، فاذكر ما عندك.

فاستغرق صاحبه في تفكير عميق، ثم قال: ثلاثة.

وأخذ الآخر يفكر، ثم، بعد فترة، قال مستسلماً: لقد ربحت أنت الرهان.

ولا شك أن غريزة العدّ، عند الإنسان، جعلته يمضي في طريق التقدم، متفوقاً على الطيور والحشرات، وأخذ يخوض التجارب المتواصلة، إلى أن هداه الله إلى اختراع الأعداد، ليحل بها مشاكله الخاصة، في حياته اليومية، وليتعامل مع باقي أفراد جنسه، والعالم من حوله، ليصل إلى هذا المستوى الهائل من التقدم.

النشأة الأولى للأرقام في العالم

وقبل الكلام عن غريزة العد في المخلوقات يجدر بالبحث أن يقدِّم تعريفاً للعد، والعدد، والأرقام، والحساب؛ فأمَّا العدُّ: فهو إحصاء الشيء.

وأما العدد: فهو مقدار ما يُعدُّ ومبلغه، وجمعه أعداد.

ومنه العدائد: وهو المال المقتسم والميراث، وهي جمع عديدة: وهي الحصة.

وأما الرقم: فهو الكتابة والختم.

والترقيم: هو تقييد الأعداد.

وأما الحساب: فقد عرَّفه عبدالرحمن بن خلدون، في مقدمته، بقوله:

"هو صناعة عملية في حساب الأعداد بالضم والتفريق، والضم يكون في الأعداد بالأفراد وهو الجمع، وبالتضعيف، تضاعف عدداً بآحاد عدد آخر، وهذا هو الضرب، والتفريق أيضاً يكون في الأعداد، أما بالأفراد مثل إزالة عدد من عدد ومعرفة الباقي، وهو الطرح، أو تفضيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتها محصلة، وهو القسمة، سواء كان في هذا الضم والتفريق على التصحيح من العدد أو التكسير".

والحساب أساس جميع الفروع الرياضية، سواء كانت بحتة أو تطبيقية، وهو أكثر العلوم نفعاً، وربما لا يوجد فرع آخر، في المعرفة الإنسانية، أكثر انتشاراً بين الناس مثله. وموضوعه العدد، والعدد إما مفرد وإما مركب:

فالمفرد: ما وقع في مرتبة واحدة كالواحد، والإثنين، والعشرة والتسعين.

والمركب: ما وقع في مرتبتين أو أكثر، كأحد عشر، وكمائة وثلاثة وثلاثين.

والعدد أيضاً إما زوج، وإما فرد:

فالزوج وهو أنواع:

1. زوج الزوج: وهو العدد الذي ينقسم إلى قسمين متساويين، وهو ما يقبل التنصيف إلى الواحد، مثل:

8 و 16 و 32

2. وزوج الفرد: وهو ما يتنصف مرة واحدة فقط، مثل:

6 و 10 و 30

3. وزوج الزوج والفرد: وهو يتنصف أكثر من مرة واحدة دون أن يصل التنصيف إلى الواحد، مثل:

12 و 20

وأما الفرد فهو:

أي عدد لا يمكن تقسيمه إلى نصفين، بحيث يكون كل منهما عدداً صحيحاً، مثل 1، 3، 7، 11

وهو غير العدد الأولي: الذي هو عدد كامل لا يقبل القسمة، دون باق، على أي عدد آخر، خلاف الواحد الصحيح، وذلك مثل:

3، 5، 7، 11، 13، 17، 19، 43، وهكذا.

عوامل العدد: هي الأرقام التي يقبل العدد القسمة عليها، فمثلاً: 1، 2، 3، 4، 6 هي عوامل العدد 12، لأنه يقبل القسمة عليها كلها.

والأعداد، بشكل عام، أنواع: تامة، وزائدة، وناقصة، ومتحابة.

أولاً: الأعداد التامة:

كل عدد يتساوى مجموع عوامله مع العدد نفسه، يسمى تاماً، وأصغر الأعداد التامة 6، فعواملها 1، 2، 3 مجموعها 6، يلي ذلك 28، وعوامله 1، 2، 4، 7، 14، مجموعها 28، ومن الأعداد التامة 496، و 8128، و 33550336 ولا يوجد في الآحاد سوى 6، وفي العشرات سوى 28، وفي المئات سوى 496، وفي الآلاف سوى 8128. وهي دائماً تبدأ إما بالرقم 6 أو 8 في آحادها. وهي دائماً أعداد زوجية. وجميع الأعداد التامة 17 عدداً فقط.

أما الأعداد الزائدة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أكبر منه، مثل العدد 12، الذي مجموع عوامله (1، 2، 3، 4، 6) 16 أكبر منه.

وأما الأعداد الناقصة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أصغر من العدد نفسه، مثل العدد 10، فإن مجموع عوامله (1، 2، 5) 8 أقل منه.

وأما الأعداد المتحابة:

وهي كل عددين مزدوجين، أحدهما ناقص، والثاني زائد، إذا كان مجموع عوامل كل منهما مساوياً للآخر، مثل العددين 220، وهو عدد زائد، و 284 وهو عدد ناقص.

(لاحظ أن:

عوامل العدد 220 هي 1 + 2 + 4 + 5 + 10 + 11 + 20 + 22 + 44 + 55 + 110 = 284

وأن عوامل العدد 284 هي 1 + 2 + 4 + 71 + 142 = 220

بالإضافة إلى ذلك هناك العدد التخيلي، والعدد الذري، والعدد الكتلي، والعدد الماخي، والعدد المركب، وبيانها كالتالي:

العدد التخيلي imaginary number

ظهر نتيجة البحث عن حلول للمعادلة س2 = -1، حيث لا يوجد جذر للأعداد السالبة، وفي الرياضيات القديمة اُعتقد أن هذه المعادلة ليس لها حلاً، حتى عام 1777 حين قام العالم السويسري ليونارد إيلر بتعريف الرمز الحديث ت وقيمتهويسمى العدد التخيلي، وهو يظهر كثيراً في الجبر (جبر المتجهات)، ويدل على أن المقياس (الإحداثي) الذي يمثله يتعامد على المركبة الأفقية (أي يصنع معها زاوية مقدارها 90 ْ).

العدد الذري atomic number

عدد البروتونات الموجودة في نواة الذرة، وهو العدد الذي يمثل العنصر في الجدول الدوري للعناصر، فمثلاً العدد الذري للأكسجين8، وهذا يعني أن ذرة الأكسجين تحتوي على ثمانية بروتونات في نواتها.

العدد الكتلي mass number

هو مجموع عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في نواة الذرة، ويمكن وجود عدد كتلي أو أكثر حسب نظير العنصر (نظير العنصر: يوجد العدد نفسه من البروتونات ولكن يختلف عدد النيوترونات وبالتالي يختلف المجموع وهو العدد الكتلي)

العدد الماخي mach number

النسبة بين سرعة أية طائرة أو قذيفة وبين سرعة الصوت. ومن ثم فإن العدد الماخي 2 يعني ضعف سرعة الصوت، والعدد الماخي 0.75 يعني ثلاثة أرباع سرعة الصوت. ويختلف العدد الماخي لأية سرعة محددة باختلاف الارتفاع والفصل من السنة، وموقع الطيران.

العدد المركب complex number

عدد يتكون من جزء حقيقي وآخر تخيلي. وعلى سبيل المثال فالعدد أ + ب ت(ت=) يمثل عدد مركباً. وتستخدم مثل هذه الأعداد لتحليل البعض الآخر منها، فضلاً عن استخدامها في نظرية التيارات الكهربائية المترددة.

هناك أيضاً الأعداد الصماء: وهي الأعداد التي لا يمكن التعبير عنها بعدد كامل، أو كسر من عدد كالجذر التربيعي.

كيف نشأت الحاجة إلى العد

عاش الإنسان القديم تحيط به ظواهر الطبيعة من كل جانب. وكان هناك الكثير من الظواهر التي تشده إليها، وتدفعه إلى التأمل والتفكير. فحينما يتجه إلى السماء ليلاً يجد النجوم المتلالأة، وإذا اتجه ببصره إلى الأرض، نهاراً، وجد الأشجار الباسقة، وما يحيط به من إنسان وحيوان. وكل هذه، وغيرها، دفعته إلى المقارنة بين هذه الكميات، وإلى أن يحصي عددها، أو يدرك مقدارها، هل هي كثيرة؟ أو كثيرة جداً؟ أو قليلة جداً؟ وهذا في الواقع هو بداية التفكير في العد والأعداد.

تطور طرق العد

تشير الدلائل إلى أن فكرة الإنسان الأول عن الكميات لم تكن واضحة تمام الوضوح؛ فكان ينظر إلى الأشياء التي يراها، باعتبارها وحدة واحدة؛ فإذا كانت مجموعة من الحيوان مثلاً، نظر إليها على أنها وحدة واحدة، وليست أفراداً. ولعل أول طريقة عبر بها القدماء عن الكمية كانت باستخدام الإشارة بالأيدي للدلالة على مقدار الكمية؛ فهي كثيرة جداً، أو كثيرة، أو قليلة، أو قليلة جداً، وكان في كل حالة يفتح الذراعين بقدر معلوم للدلالة على تلك الكمية كوحدة، وهذا يشبه معاملة الأطفال الصغار عندما يعبرون عن الشيء الكثير قبل أن تكون لديهم فكرة عن معنى الأعداد، وأسمائها، وعن النظام العدي، أي أن فكرة الإنسان البدائي عن الكميات كانت فكرة تقريبية، وليست فكرة مضبوطة تماماً. كما أنه لم يستخدم كلمات أو رموزاً للتعبير عن الكمية.

وأتت، بعد ذلك، مرحلة استخدم فيها الإنسان الأشياء، وأوصافها للتعبير عن الكميات. ولم يكن الراعي ليدرك مثلاً أنه يملك خمسة رؤوس من الأغنام، وإنما استخدم الكلمات لمعرفة كميتها، بقوله:
إن عنده واحدة لونها أبيض، وواحدة لونها بني، وواحدة ذات قرون طويلة، وما يشبه ذلك، أي أنه يعرفها فرداً فرداً، بقدر ما تسمح به ذاكرته، وبقدر عدد القطيع، حتى إذا بلغ مقداراً لا تعيه ذاكرته، أو التبست عليه الألوان، أو تعددت الأنواع، وأصبح لديه من كل نوع، أو لون، كمية معينة، شعر بعجز تلك الطريقة، وبدأ يفكر في طريقة أخرى أكثر دقة في العد .

وكانت المرحلة الثانية، هي مرحلة المطابقة بين الشيء ونظيره، أو "واحد لواحد"، كما ذكر البحث من قبل، وتتلخص هذه الطريقة في المقارنة بين الشيء وما يناظره. وكانت تلك النظائر في أول الأمر أشياء بسيطة سهلة، يراها الإنسان، ويحس بها، أو مجموعات معروفة له، كأصابع اليدين، وأجنحة الطير أو مخالبها، وأذني الإنسان، وما شابه ذلك. ومن أمثلة هذا أن يقول رجل لآخر: "قتلت اليوم من الذئاب قدر ما للنعامة من أظلاف" أو "إن عنده من النساء قدر ما عند الإنسان من آذان". وفكرة مقارنة الأشياء بمجموعات معروفة، مثل: الأنف، والأذنين، وأوراق نبات البرسيم، وأظلاف النعام، وأصابع اليد، تقابل اليوم 1، 2، 3، 4، 5، على الترتيب.

ولا ريب أن فكرة التجميع قد سهلت على الإنسان البدائي عملية التفكير في مجموعات تمثِّل المقادير، ولكن هذه المجموعات كانت صغيرة، ولا تصلح للكميات الكبيرة، وهذا ولَّد لدى الإنسان الشعور بالحاجة إلى اختراع طريقة أخرى من طرق المطابقة، وكانت تلك هي طريقة استخدام الحصى، فعدد أفراد القطيع، أو السهام، أو الأشجار، التي يملكها، أو كمية الطير التي اصطادها، يمكن أن يعرف مقدارها عن طريق مطابقتها مع كمية معينة من الحصى. وما زال أفراد بعض القبائل الهندية، في ولاية أريزونا يحمل كيساً به مجموعة من الحصى تطابق كمية ما عنده من الخيل. وقد استخدم بعض الأقدمين بدلاً من المطابقة بالحصى نوعاً من الأحجار المستطيلة على هيئة عصى يحفرون عليها علامات. وكل علامة تقابل فرداً مما يملكون، بحيث يدل مقدار الحفرات، أو الحزَّات على عدد هذا الشيء. ولكن البعض تخلص من الجهد اللازم للحفر على الحجر؛ فاستخدام فروعاً من الأشجار يسجل عليها علاماته بعمل حزات بآلة حادة لتمثل الكميات، التي لديه. ولجأ آخرون إلى استخدام ألياف الأشجار، وعمل عُقد عليها بقدر الكمية الموجودة. ولا شك أن طريقة المقارنة جعلت الإنسان يشعر بشيء من الثقة في معرفة كمية ما عنده من أشياء، عند مقارنتها بالعلامات أو بالحصى.

كما أن هذه الطريقة أعطت فكرة "التساوي" عندما تتم المطابقة، وفكرة "أقل" أو "أكثر" في حالتي عدم المطابقة، وهي، على أي حال، كانت خطوة نحو الأمام في تطور التفكير البشري، إلا أن هذه الطريقة ظلت قاصرة عن أن تدل الرجل البدائي على عدد ما عنده، أو تعطيه اسماً، أو عدداً، يبين المقدار الذي يريده، ليسجل الاسم أو العدد بسهولة، وبساطة، بدلاً من الحصى الذي يحمله، أو الأحجار، وفروع الأشجار التي يحفر عليها.



المصدر : مقاتل من الصحراء

www.mokatel.com

العودة إلى الصفحة الرئيسية

مع تحيات موقع الأرقام





وقبل الكلام عن غريزة العد في المخلوقات يجدر بالبحث أن يقدِّم تعريفاً للعد، والعدد، والأرقام، والحساب؛ فأمَّا العدُّ: فهو إحصاء الشيء.

وأما العدد: فهو مقدار ما يُعدُّ ومبلغه، وجمعه أعداد.

ومنه العدائد: وهو المال المقتسم والميراث، وهي جمع عديدة: وهي الحصة.

وأما الرقم: فهو الكتابة والختم.

والترقيم: هو تقييد الأعداد.

وأما الحساب: فقد عرَّفه عبدالرحمن بن خلدون، في مقدمته، بقوله:

"هو صناعة عملية في حساب الأعداد بالضم والتفريق، والضم يكون في الأعداد بالأفراد وهو الجمع، وبالتضعيف، تضاعف عدداً بآحاد عدد آخر، وهذا هو الضرب، والتفريق أيضاً يكون في الأعداد، أما بالأفراد مثل إزالة عدد من عدد ومعرفة الباقي، وهو الطرح، أو تفضيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتها محصلة، وهو القسمة، سواء كان في هذا الضم والتفريق على التصحيح من العدد أو التكسير".

والحساب أساس جميع الفروع الرياضية، سواء كانت بحتة أو تطبيقية، وهو أكثر العلوم نفعاً، وربما لا يوجد فرع آخر، في المعرفة الإنسانية، أكثر انتشاراً بين الناس مثله. وموضوعه العدد، والعدد إما مفرد وإما مركب:

فالمفرد: ما وقع في مرتبة واحدة كالواحد، والإثنين، والعشرة والتسعين.

والمركب: ما وقع في مرتبتين أو أكثر، كأحد عشر، وكمائة وثلاثة وثلاثين.

والعدد أيضاً إما زوج، وإما فرد:

فالزوج وهو أنواع:

1. زوج الزوج: وهو العدد الذي ينقسم إلى قسمين متساويين، وهو ما يقبل التنصيف إلى الواحد، مثل:

8 و 16 و 32

2. وزوج الفرد: وهو ما يتنصف مرة واحدة فقط، مثل:

6 و 10 و 30

3. وزوج الزوج والفرد: وهو يتنصف أكثر من مرة واحدة دون أن يصل التنصيف إلى الواحد، مثل:

12 و 20

وأما الفرد فهو:

أي عدد لا يمكن تقسيمه إلى نصفين، بحيث يكون كل منهما عدداً صحيحاً، مثل 1، 3، 7، 11

وهو غير العدد الأولي: الذي هو عدد كامل لا يقبل القسمة، دون باق، على أي عدد آخر، خلاف الواحد الصحيح، وذلك مثل:

3، 5، 7، 11، 13، 17، 19، 43، وهكذا.

عوامل العدد: هي الأرقام التي يقبل العدد القسمة عليها، فمثلاً: 1، 2، 3، 4، 6 هي عوامل العدد 12، لأنه يقبل القسمة عليها كلها.

والأعداد، بشكل عام، أنواع: تامة، وزائدة، وناقصة، ومتحابة.

أولاً: الأعداد التامة:

كل عدد يتساوى مجموع عوامله مع العدد نفسه، يسمى تاماً، وأصغر الأعداد التامة 6، فعواملها 1، 2، 3 مجموعها 6، يلي ذلك 28، وعوامله 1، 2، 4، 7، 14، مجموعها 28، ومن الأعداد التامة 496، و 8128، و 33550336 ولا يوجد في الآحاد سوى 6، وفي العشرات سوى 28، وفي المئات سوى 496، وفي الآلاف سوى 8128. وهي دائماً تبدأ إما بالرقم 6 أو 8 في آحادها. وهي دائماً أعداد زوجية. وجميع الأعداد التامة 17 عدداً فقط.

أما الأعداد الزائدة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أكبر منه، مثل العدد 12، الذي مجموع عوامله (1، 2، 3، 4، 6) 16 أكبر منه.

وأما الأعداد الناقصة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أصغر من العدد نفسه، مثل العدد 10، فإن مجموع عوامله (1، 2، 5) 8 أقل منه.

وأما الأعداد المتحابة:

وهي كل عددين مزدوجين، أحدهما ناقص، والثاني زائد، إذا كان مجموع عوامل كل منهما مساوياً للآخر، مثل العددين 220، وهو عدد زائد، و 284 وهو عدد ناقص.

(لاحظ أن:

عوامل العدد 220 هي 1 + 2 + 4 + 5 + 10 + 11 + 20 + 22 + 44 + 55 + 110 = 284

وأن عوامل العدد 284 هي 1 + 2 + 4 + 71 + 142 = 220

بالإضافة إلى ذلك هناك العدد التخيلي، والعدد الذري، والعدد الكتلي، والعدد الماخي، والعدد المركب، وبيانها كالتالي:

العدد التخيلي imaginary number

ظهر نتيجة البحث عن حلول للمعادلة س2 = -1، حيث لا يوجد جذر للأعداد السالبة، وفي الرياضيات القديمة اُعتقد أن هذه المعادلة ليس لها حلاً، حتى عام 1777 حين قام العالم السويسري ليونارد إيلر بتعريف الرمز الحديث ت وقيمتهويسمى العدد التخيلي، وهو يظهر كثيراً في الجبر (جبر المتجهات)، ويدل على أن المقياس (الإحداثي) الذي يمثله يتعامد على المركبة الأفقية (أي يصنع معها زاوية مقدارها 90 ْ).

العدد الذري atomic number

عدد البروتونات الموجودة في نواة الذرة، وهو العدد الذي يمثل العنصر في الجدول الدوري للعناصر، فمثلاً العدد الذري للأكسجين8، وهذا يعني أن ذرة الأكسجين تحتوي على ثمانية بروتونات في نواتها.

العدد الكتلي mass number

هو مجموع عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في نواة الذرة، ويمكن وجود عدد كتلي أو أكثر حسب نظير العنصر (نظير العنصر: يوجد العدد نفسه من البروتونات ولكن يختلف عدد النيوترونات وبالتالي يختلف المجموع وهو العدد الكتلي)

العدد الماخي mach number

النسبة بين سرعة أية طائرة أو قذيفة وبين سرعة الصوت. ومن ثم فإن العدد الماخي 2 يعني ضعف سرعة الصوت، والعدد الماخي 0.75 يعني ثلاثة أرباع سرعة الصوت. ويختلف العدد الماخي لأية سرعة محددة باختلاف الارتفاع والفصل من السنة، وموقع الطيران.

العدد المركب complex number

عدد يتكون من جزء حقيقي وآخر تخيلي. وعلى سبيل المثال فالعدد أ + ب ت(ت=) يمثل عدد مركباً. وتستخدم مثل هذه الأعداد لتحليل البعض الآخر منها، فضلاً عن استخدامها في نظرية التيارات الكهربائية المترددة.

هناك أيضاً الأعداد الصماء: وهي الأعداد التي لا يمكن التعبير عنها بعدد كامل، أو كسر من عدد كالجذر التربيعي.

كيف نشأت الحاجة إلى العد

عاش الإنسان القديم تحيط به ظواهر الطبيعة من كل جانب. وكان هناك الكثير من الظواهر التي تشده إليها، وتدفعه إلى التأمل والتفكير. فحينما يتجه إلى السماء ليلاً يجد النجوم المتلالأة، وإذا اتجه ببصره إلى الأرض، نهاراً، وجد الأشجار الباسقة، وما يحيط به من إنسان وحيوان. وكل هذه، وغيرها، دفعته إلى المقارنة بين هذه الكميات، وإلى أن يحصي عددها، أو يدرك مقدارها، هل هي كثيرة؟ أو كثيرة جداً؟ أو قليلة جداً؟ وهذا في الواقع هو بداية التفكير في العد والأعداد.

تطور طرق العد

تشير الدلائل إلى أن فكرة الإنسان الأول عن الكميات لم تكن واضحة تمام الوضوح؛ فكان ينظر إلى الأشياء التي يراها، باعتبارها وحدة واحدة؛ فإذا كانت مجموعة من الحيوان مثلاً، نظر إليها على أنها وحدة واحدة، وليست أفراداً. ولعل أول طريقة عبر بها القدماء عن الكمية كانت باستخدام الإشارة بالأيدي للدلالة على مقدار الكمية؛ فهي كثيرة جداً، أو كثيرة، أو قليلة، أو قليلة جداً، وكان في كل حالة يفتح الذراعين بقدر معلوم للدلالة على تلك الكمية كوحدة، وهذا يشبه معاملة الأطفال الصغار عندما يعبرون عن الشيء الكثير قبل أن تكون لديهم فكرة عن معنى الأعداد، وأسمائها، وعن النظام العدي، أي أن فكرة الإنسان البدائي عن الكميات كانت فكرة تقريبية، وليست فكرة مضبوطة تماماً. كما أنه لم يستخدم كلمات أو رموزاً للتعبير عن الكمية.

وأتت، بعد ذلك، مرحلة استخدم فيها الإنسان الأشياء، وأوصافها للتعبير عن الكميات. ولم يكن الراعي ليدرك مثلاً أنه يملك خمسة رؤوس من الأغنام، وإنما استخدم الكلمات لمعرفة كميتها، بقوله:
إن عنده واحدة لونها أبيض، وواحدة لونها بني، وواحدة ذات قرون طويلة، وما يشبه ذلك، أي أنه يعرفها فرداً فرداً، بقدر ما تسمح به ذاكرته، وبقدر عدد القطيع، حتى إذا بلغ مقداراً لا تعيه ذاكرته، أو التبست عليه الألوان، أو تعددت الأنواع، وأصبح لديه من كل نوع، أو لون، كمية معينة، شعر بعجز تلك الطريقة، وبدأ يفكر في طريقة أخرى أكثر دقة في العد .

وكانت المرحلة الثانية، هي مرحلة المطابقة بين الشيء ونظيره، أو "واحد لواحد"، كما ذكر البحث من قبل، وتتلخص هذه الطريقة في المقارنة بين الشيء وما يناظره. وكانت تلك النظائر في أول الأمر أشياء بسيطة سهلة، يراها الإنسان، ويحس بها، أو مجموعات معروفة له، كأصابع اليدين، وأجنحة الطير أو مخالبها، وأذني الإنسان، وما شابه ذلك. ومن أمثلة هذا أن يقول رجل لآخر: "قتلت اليوم من الذئاب قدر ما للنعامة من أظلاف" أو "إن عنده من النساء قدر ما عند الإنسان من آذان". وفكرة مقارنة الأشياء بمجموعات معروفة، مثل: الأنف، والأذنين، وأوراق نبات البرسيم، وأظلاف النعام، وأصابع اليد، تقابل اليوم 1، 2، 3، 4، 5، على الترتيب.

ولا ريب أن فكرة التجميع قد سهلت على الإنسان البدائي عملية التفكير في مجموعات تمثِّل المقادير، ولكن هذه المجموعات كانت صغيرة، ولا تصلح للكميات الكبيرة، وهذا ولَّد لدى الإنسان الشعور بالحاجة إلى اختراع طريقة أخرى من طرق المطابقة، وكانت تلك هي طريقة استخدام الحصى، فعدد أفراد القطيع، أو السهام، أو الأشجار، التي يملكها، أو كمية الطير التي اصطادها، يمكن أن يعرف مقدارها عن طريق مطابقتها مع كمية معينة من الحصى. وما زال أفراد بعض القبائل الهندية، في ولاية أريزونا يحمل كيساً به مجموعة من الحصى تطابق كمية ما عنده من الخيل. وقد استخدم بعض الأقدمين بدلاً من المطابقة بالحصى نوعاً من الأحجار المستطيلة على هيئة عصى يحفرون عليها علامات. وكل علامة تقابل فرداً مما يملكون، بحيث يدل مقدار الحفرات، أو الحزَّات على عدد هذا الشيء. ولكن البعض تخلص من الجهد اللازم للحفر على الحجر؛ فاستخدام فروعاً من الأشجار يسجل عليها علاماته بعمل حزات بآلة حادة لتمثل الكميات، التي لديه. ولجأ آخرون إلى استخدام ألياف الأشجار، وعمل عُقد عليها بقدر الكمية الموجودة. ولا شك أن طريقة المقارنة جعلت الإنسان يشعر بشيء من الثقة في معرفة كمية ما عنده من أشياء، عند مقارنتها بالعلامات أو بالحصى.

كما أن هذه الطريقة أعطت فكرة "التساوي" عندما تتم المطابقة، وفكرة "أقل" أو "أكثر" في حالتي عدم المطابقة، وهي، على أي حال، كانت خطوة نحو الأمام في تطور التفكير البشري، إلا أن هذه الطريقة ظلت قاصرة عن أن تدل الرجل البدائي على عدد ما عنده، أو تعطيه اسماً، أو عدداً، يبين المقدار الذي يريده، ليسجل الاسم أو العدد بسهولة، وبساطة، بدلاً من الحصى الذي يحمله، أو الأحجار، وفروع الأشجار التي يحفر عليها.



المصدر : مقاتل من الصحراء

www.mokatel.com

العودة إلى الصفحة الرئيسية

مع تحيات موقع الأرقام





وقبل الكلام عن غريزة العد في المخلوقات يجدر بالبحث أن يقدِّم تعريفاً للعد، والعدد، والأرقام، والحساب؛ فأمَّا العدُّ: فهو إحصاء الشيء.

وأما العدد: فهو مقدار ما يُعدُّ ومبلغه، وجمعه أعداد.

ومنه العدائد: وهو المال المقتسم والميراث، وهي جمع عديدة: وهي الحصة.

وأما الرقم: فهو الكتابة والختم.

والترقيم: هو تقييد الأعداد.

وأما الحساب: فقد عرَّفه عبدالرحمن بن خلدون، في مقدمته، بقوله:

"هو صناعة عملية في حساب الأعداد بالضم والتفريق، والضم يكون في الأعداد بالأفراد وهو الجمع، وبالتضعيف، تضاعف عدداً بآحاد عدد آخر، وهذا هو الضرب، والتفريق أيضاً يكون في الأعداد، أما بالأفراد مثل إزالة عدد من عدد ومعرفة الباقي، وهو الطرح، أو تفضيل عدد بأجزاء متساوية تكون عدتها محصلة، وهو القسمة، سواء كان في هذا الضم والتفريق على التصحيح من العدد أو التكسير".

والحساب أساس جميع الفروع الرياضية، سواء كانت بحتة أو تطبيقية، وهو أكثر العلوم نفعاً، وربما لا يوجد فرع آخر، في المعرفة الإنسانية، أكثر انتشاراً بين الناس مثله. وموضوعه العدد، والعدد إما مفرد وإما مركب:

فالمفرد: ما وقع في مرتبة واحدة كالواحد، والإثنين، والعشرة والتسعين.

والمركب: ما وقع في مرتبتين أو أكثر، كأحد عشر، وكمائة وثلاثة وثلاثين.

والعدد أيضاً إما زوج، وإما فرد:

فالزوج وهو أنواع:

1. زوج الزوج: وهو العدد الذي ينقسم إلى قسمين متساويين، وهو ما يقبل التنصيف إلى الواحد، مثل:

8 و 16 و 32

2. وزوج الفرد: وهو ما يتنصف مرة واحدة فقط، مثل:

6 و 10 و 30

3. وزوج الزوج والفرد: وهو يتنصف أكثر من مرة واحدة دون أن يصل التنصيف إلى الواحد، مثل:

12 و 20

وأما الفرد فهو:

أي عدد لا يمكن تقسيمه إلى نصفين، بحيث يكون كل منهما عدداً صحيحاً، مثل 1، 3، 7، 11

وهو غير العدد الأولي: الذي هو عدد كامل لا يقبل القسمة، دون باق، على أي عدد آخر، خلاف الواحد الصحيح، وذلك مثل:

3، 5، 7، 11، 13، 17، 19، 43، وهكذا.

عوامل العدد: هي الأرقام التي يقبل العدد القسمة عليها، فمثلاً: 1، 2، 3، 4، 6 هي عوامل العدد 12، لأنه يقبل القسمة عليها كلها.

والأعداد، بشكل عام، أنواع: تامة، وزائدة، وناقصة، ومتحابة.

أولاً: الأعداد التامة:

كل عدد يتساوى مجموع عوامله مع العدد نفسه، يسمى تاماً، وأصغر الأعداد التامة 6، فعواملها 1، 2، 3 مجموعها 6، يلي ذلك 28، وعوامله 1، 2، 4، 7، 14، مجموعها 28، ومن الأعداد التامة 496، و 8128، و 33550336 ولا يوجد في الآحاد سوى 6، وفي العشرات سوى 28، وفي المئات سوى 496، وفي الآلاف سوى 8128. وهي دائماً تبدأ إما بالرقم 6 أو 8 في آحادها. وهي دائماً أعداد زوجية. وجميع الأعداد التامة 17 عدداً فقط.

أما الأعداد الزائدة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أكبر منه، مثل العدد 12، الذي مجموع عوامله (1، 2، 3، 4، 6) 16 أكبر منه.

وأما الأعداد الناقصة:

فهي كل عدد مجموع عوامله أصغر من العدد نفسه، مثل العدد 10، فإن مجموع عوامله (1، 2، 5) 8 أقل منه.

وأما الأعداد المتحابة:

وهي كل عددين مزدوجين، أحدهما ناقص، والثاني زائد، إذا كان مجموع عوامل كل منهما مساوياً للآخر، مثل العددين 220، وهو عدد زائد، و 284 وهو عدد ناقص.

(لاحظ أن:

عوامل العدد 220 هي 1 + 2 + 4 + 5 + 10 + 11 + 20 + 22 + 44 + 55 + 110 = 284

وأن عوامل العدد 284 هي 1 + 2 + 4 + 71 + 142 = 220

بالإضافة إلى ذلك هناك العدد التخيلي، والعدد الذري، والعدد الكتلي، والعدد الماخي، والعدد المركب، وبيانها كالتالي:

العدد التخيلي imaginary number

ظهر نتيجة البحث عن حلول للمعادلة س2 = -1، حيث لا يوجد جذر للأعداد السالبة، وفي الرياضيات القديمة اُعتقد أن هذه المعادلة ليس لها حلاً، حتى عام 1777 حين قام العالم السويسري ليونارد إيلر بتعريف الرمز الحديث ت وقيمتهويسمى العدد التخيلي، وهو يظهر كثيراً في الجبر (جبر المتجهات)، ويدل على أن المقياس (الإحداثي) الذي يمثله يتعامد على المركبة الأفقية (أي يصنع معها زاوية مقدارها 90 ْ).

العدد الذري atomic number

عدد البروتونات الموجودة في نواة الذرة، وهو العدد الذي يمثل العنصر في الجدول الدوري للعناصر، فمثلاً العدد الذري للأكسجين8، وهذا يعني أن ذرة الأكسجين تحتوي على ثمانية بروتونات في نواتها.

العدد الكتلي mass number

هو مجموع عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في نواة الذرة، ويمكن وجود عدد كتلي أو أكثر حسب نظير العنصر (نظير العنصر: يوجد العدد نفسه من البروتونات ولكن يختلف عدد النيوترونات وبالتالي يختلف المجموع وهو العدد الكتلي)

العدد الماخي mach number

النسبة بين سرعة أية طائرة أو قذيفة وبين سرعة الصوت. ومن ثم فإن العدد الماخي 2 يعني ضعف سرعة الصوت، والعدد الماخي 0.75 يعني ثلاثة أرباع سرعة الصوت. ويختلف العدد الماخي لأية سرعة محددة باختلاف الارتفاع والفصل من السنة، وموقع الطيران.

العدد المركب complex number

عدد يتكون من جزء حقيقي وآخر تخيلي. وعلى سبيل المثال فالعدد أ + ب ت(ت=) يمثل عدد مركباً. وتستخدم مثل هذه الأعداد لتحليل البعض الآخر منها، فضلاً عن استخدامها في نظرية التيارات الكهربائية المترددة.

هناك أيضاً الأعداد الصماء: وهي الأعداد التي لا يمكن التعبير عنها بعدد كامل، أو كسر من عدد كالجذر التربيعي.

كيف نشأت الحاجة إلى العد

عاش الإنسان القديم تحيط به ظواهر الطبيعة من كل جانب. وكان هناك الكثير من الظواهر التي تشده إليها، وتدفعه إلى التأمل والتفكير. فحينما يتجه إلى السماء ليلاً يجد النجوم المتلالأة، وإذا اتجه ببصره إلى الأرض، نهاراً، وجد الأشجار الباسقة، وما يحيط به من إنسان وحيوان. وكل هذه، وغيرها، دفعته إلى المقارنة بين هذه الكميات، وإلى أن يحصي عددها، أو يدرك مقدارها، هل هي كثيرة؟ أو كثيرة جداً؟ أو قليلة جداً؟ وهذا في الواقع هو بداية التفكير في العد والأعداد.

تطور طرق العد

تشير الدلائل إلى أن فكرة الإنسان الأول عن الكميات لم تكن واضحة تمام الوضوح؛ فكان ينظر إلى الأشياء التي يراها، باعتبارها وحدة واحدة؛ فإذا كانت مجموعة من الحيوان مثلاً، نظر إليها على أنها وحدة واحدة، وليست أفراداً. ولعل أول طريقة عبر بها القدماء عن الكمية كانت باستخدام الإشارة بالأيدي للدلالة على مقدار الكمية؛ فهي كثيرة جداً، أو كثيرة، أو قليلة، أو قليلة جداً، وكان في كل حالة يفتح الذراعين بقدر معلوم للدلالة على تلك الكمية كوحدة، وهذا يشبه معاملة الأطفال الصغار عندما يعبرون عن الشيء الكثير قبل أن تكون لديهم فكرة عن معنى الأعداد، وأسمائها، وعن النظام العدي، أي أن فكرة الإنسان البدائي عن الكميات كانت فكرة تقريبية، وليست فكرة مضبوطة تماماً. كما أنه لم يستخدم كلمات أو رموزاً للتعبير عن الكمية.

وأتت، بعد ذلك، مرحلة استخدم فيها الإنسان الأشياء، وأوصافها للتعبير عن الكميات. ولم يكن الراعي ليدرك مثلاً أنه يملك خمسة رؤوس من الأغنام، وإنما استخدم الكلمات لمعرفة كميتها، بقوله:
إن عنده واحدة لونها أبيض، وواحدة لونها بني، وواحدة ذات قرون طويلة، وما يشبه ذلك، أي أنه يعرفها فرداً فرداً، بقدر ما تسمح به ذاكرته، وبقدر عدد القطيع، حتى إذا بلغ مقداراً لا تعيه ذاكرته، أو التبست عليه الألوان، أو تعددت الأنواع، وأصبح لديه من كل نوع، أو لون، كمية معينة، شعر بعجز تلك الطريقة، وبدأ يفكر في طريقة أخرى أكثر دقة في العد .

وكانت المرحلة الثانية، هي مرحلة المطابقة بين الشيء ونظيره، أو "واحد لواحد"، كما ذكر البحث من قبل، وتتلخص هذه الطريقة في المقارنة بين الشيء وما يناظره. وكانت تلك النظائر في أول الأمر أشياء بسيطة سهلة، يراها الإنسان، ويحس بها، أو مجموعات معروفة له، كأصابع اليدين، وأجنحة الطير أو مخالبها، وأذني الإنسان، وما شابه ذلك. ومن أمثلة هذا أن يقول رجل لآخر: "قتلت اليوم من الذئاب قدر ما للنعامة من أظلاف" أو "إن عنده من النساء قدر ما عند الإنسان من آذان". وفكرة مقارنة الأشياء بمجموعات معروفة، مثل: الأنف، والأذنين، وأوراق نبات البرسيم، وأظلاف النعام، وأصابع اليد، تقابل اليوم 1، 2، 3، 4، 5، على الترتيب.

ولا ريب أن فكرة التجميع قد سهلت على الإنسان البدائي عملية التفكير في مجموعات تمثِّل المقادير، ولكن هذه المجموعات كانت صغيرة، ولا تصلح للكميات الكبيرة، وهذا ولَّد لدى الإنسان الشعور بالحاجة إلى اختراع طريقة أخرى من طرق المطابقة، وكانت تلك هي طريقة استخدام الحصى، فعدد أفراد القطيع، أو السهام، أو الأشجار، التي يملكها، أو كمية الطير التي اصطادها، يمكن أن يعرف مقدارها عن طريق مطابقتها مع كمية معينة من الحصى. وما زال أفراد بعض القبائل الهندية، في ولاية أريزونا يحمل كيساً به مجموعة من الحصى تطابق كمية ما عنده من الخيل. وقد استخدم بعض الأقدمين بدلاً من المطابقة بالحصى نوعاً من الأحجار المستطيلة على هيئة عصى يحفرون عليها علامات. وكل علامة تقابل فرداً مما يملكون، بحيث يدل مقدار الحفرات، أو الحزَّات على عدد هذا الشيء. ولكن البعض تخلص من الجهد اللازم للحفر على الحجر؛ فاستخدام فروعاً من الأشجار يسجل عليها علاماته بعمل حزات بآلة حادة لتمثل الكميات، التي لديه. ولجأ آخرون إلى استخدام ألياف الأشجار، وعمل عُقد عليها بقدر الكمية الموجودة. ولا شك أن طريقة المقارنة جعلت الإنسان يشعر بشيء من الثقة في معرفة كمية ما عنده من أشياء، عند مقارنتها بالعلامات أو بالحصى.

كما أن هذه الطريقة أعطت فكرة "التساوي" عندما تتم المطابقة، وفكرة "أقل" أو "أكثر" في حالتي عدم المطابقة، وهي، على أي حال، كانت خطوة نحو الأمام في تطور التفكير البشري، إلا أن هذه الطريقة ظلت قاصرة عن أن تدل الرجل البدائي على عدد ما عنده، أو تعطيه اسماً، أو عدداً، يبين المقدار الذي يريده، ليسجل الاسم أو العدد بسهولة، وبساطة، بدلاً من الحصى الذي يحمله، أو الأحجار، وفروع الأشجار التي يحفر عليها.



المصدر : مقاتل من الصحراء

www.mokatel.com

العودة إلى الصفحة الرئيسية

مع تحيات موقع الأرقام